الروايات التي لم تذكر علة اطفاء المصابيح عند النوم
حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أطفِئوا المصابيحَ إذا رقدتُم ، وغلِّقوا الأبوابَ ، وأوكوا الأسقِيةَ ،
وخَمِّروا الطَّعامَ والشَّرابَ –
وأحسَبُه قالَ - ولو بِعودٍ تعرُضُه عليهِ )
حدثنا يحيى بن جعفر حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري
حدثنا ابن جريج قال أخبرني عطاء عن جابر رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إذا استَجنَح الليلُ ، أو : كان جُنحُ الليلِ ، فكُفُّوا صِبيانَكم ،
فإنَّ الشياطينَ تَنتَشِرُ حينئذٍ ، فإذا ذهَب ساعةٌ منَ العِشاءِ فخَلُّوهم ،
وأَغلِقْ بابَك واذكُرِ اسمَ اللهَ ، وأَطفِئْ مِصباحَك واذكُرِ اسمَ اللهِ ،
وأَوكِ سِقاءَك واذكُرِ اسمَ اللهِ ، وخَمِّرْ إناءَك واذكُرِ اسمَ اللهِ ،
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( إذا كانَ جُنحُ اللَّيلِ أو أمسَيتُم فكفُّوا صِبيانَكم فإنَّ الشَّياطينَ تنتشِرُ
حينئذٍ فإذا ذهبَ ساعةٌ منَ اللَّيلِ فخلُّوهم فأغلقوا الأبوابَ واذكروا
اسمَ اللَّهِ فإنَّ الشَّيطانَ لا يفتَحُ بابًا مغلقًا وأوكوا قِرَبَكم واذكروا اسمَ
اللَّهِ وخَمِّروا آنيتَكم واذكروا اسمَ اللَّهِ
ولو أن تعرُضوا عليها شيئًا وأطفِئوا مصابيحَكم )
قال بن حجر في فتح الباري نقلا عن القرطبي :
الأمر والنهي في هذا الحديث للإرشاد ، قال :
وقد يكون للندب ، وجزم النووي بأنه للإرشاد لكونه لمصلحة
دنيوية ، وتعقب بأنه قد يفضي إلى مصلحة دينية وهي حفظ النفس
المحرم قتلها والمال المحرم تبذيره .
و في هذه الأحاديث أن الواحد إذا بات ببيت ليس فيه غيره وفيه نار
فعليه أن يطفئها قبل نومه أو يفعل بها ما يؤمن معه الاحتراق ،
وكذا إن كان في البيت جماعة فإنه يتعين على بعضهم وأحقهم بذلك
آخرهم نوما ، فمن فرط في ذلك كان للسنة مخالفا ولأدائها تاركا .
ثم أخرج الحديث الذي أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم
من طريق عكرمة عن ابن عباس قال :
( جاءت فأرة فجرت الفتيلة فألقتها بين يدي النبي صلى الله عليه
وسلم على الخمرة التي كان قاعدا عليها فأحرقت منها مثل موضع
الدرهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
إذا نمتم فأطفئوا سراجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا
وفي هذا الحديث بيان سبب الأمر أيضا وبيان الحامل للفويسقة
- وهي الفأرة - على جر الفتيلة وهو الشيطان ، فيستعين
وهو عدو الإنسان عليه بعدو آخر وهي النار ، أعاذنا الله بكرمه من
كيد الأعداء إنه رءوف رحيم .
ونقل بن حجر قول ابن دقيق العيد :
إذا كانت العلة في إطفاء السراج الحذر من جر الفويسقة الفتيلة
فمقتضاه أن السراج إذا كان على هيئة لا تصل إليها الفأرة لا يمنع
إيقاده ، كما لو كان على منارة من نحاس أملس لا يمكن الفأرة
الصعود إليه ، أو يكون مكانه بعيدا عن موضع يمكنها أن تثب منه
وأما ورود الأمر بإطفاء النار مطلقا كما في حديثي ابن عمر وأبي
موسى - وهو أعم من نار السراج - فقد يتطرق منه مفسدة أخرى
غير جر الفتيلة كسقوط شيء من السراج على بعض متاع البيت ،
وكسقوط المنارة فينثر السراج إلى شيء من المتاع فيحرقه ،
فيحتاج إلى الاستيثاق من ذلك ، فإذا استوثق بحيث يؤمن معه
الإحراق فيزول الحكم بزوال علته .
قال المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير :
( وأطفئوا مصابيحكم ) اذهبوا نورها ولا يكون مصباحا إلا بالنور
وبدونه فتيلة والمراد إذا لم تضطروا إليه لنحو برد أو مرض
أو تربية طفل أو نحو ذلك والأمر في الكل للإرشاد وجاء في حديث
تعليل الأمر بإطفاء المصابيح بأن الفويسقة تجر الفتيلة فتحرق البيت
وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أشفق على أمته من الوالدة
بولدها ولم يدع شفقته دينية ولا دنيوية إلا أرشد إليها .
تضمن هذا الحديث أن الله أطلع نبيه على ما يكون في هذه الأوقات
من المضار من جهة الشياطين والفأر والوباء وقد أرشد إلى ما يتقي
به ذلك فليبادر إلى فعل تلك الأمور ذاكرا لله ممتثلا أمر نبيه صلى الله
عليه وسلم شاكرا لنصحه فمن فعل لم يصبه من ذلك ضرر بحول الله