عَونُ اللهِ تَعالى و حِفْظُهُ و نصره و تأييده)
1- اهتمام النبي صلى الله عليه و سلم بتوجيه الأمة و تنشئة الجيل
2- احفظ الله يحفظك 3- نصرة الله تعالى و تأييده
5 - التوجه إلى الله تعالى وحده بالاستعانة و الدعاء والسؤال
6- الإيمان بالقضاء و القدر 7- النصر مع الصبر
8 - ثمرات الصبر 9- الفرج مع الكرب
عن أبي العَبَّاس عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْاسٍ رَضي اللهُ عنهما قال :
كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم يًوْماً ، فقال :
( يا غُلامُ ، إنِّي أُعَلِّمُكَ كلِماتٍ :
أحفظ اللهَ يَحْفَك ، أحفظ اللهَ تَجِدْهُ تُجاهَك ، إذا سأَلْتَ فاسْأَلِ اللهَ ،
وإذا اسْتَعنْتَ فاسْتَعِنْ باللهِ ، واعْلَمْ أنَّ الأُمَّة لَو اجْتَمَعَتْ على أَنْ
يَنْفَعُـوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيْءٍ قدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ ،
وإن اجْتَمَعُوا على أن يَضُرَّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضُروكَ إلا بِشَيء قد كَتَبهُ
اللهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأقْلامُ وَ جَفَّتِ الصُّحُفُ )
( أحفظ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاء يَعْرِفْكَ فـي الشِّدةِ
و اعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، و مَا أَصابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ،
و اعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مع الصَّبْرِ ، و أنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ،
وأنَّ معَ الْعُسْرِ يُسْراً )
قال ابن رجب الحنبلي في كتابة ( جامع العلوم والحكم ) :
و هذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهم أمور
يصونك ويحميك في نفسك و أهلك ، ودينك ودنياك
أمامك ، أي تجده معك بالحفظ والتأييد ،
و النصرة و المعونة حيثما كنت .
والمراد أنه قد قدر كل شيء في علم الله تعالى و انتهى .
المراد بالصحف ما كتب فيه مقادير المخلوقات كاللوح المحفوظ ،
و جفافها : انتهاء الأمر واستقراره ، فلا تبديل فيها و لا تغيير
اهتمام النبي صلى الله عليه و سلم بتوجيه الأمة ،
و تنشئة الجيل المؤمن المثالي :
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم حريصاً أن يغرس العقيدة
السليمة في نفوس المؤمنين ، وخاصة الشباب منهم .
و كان مرة قد أردف خلفه ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله
عنهما ، فوجَّه إليه تلك النصائح الرائعة ، التي من شأنها أن تجعل
المسلم يلتزم أوامر الله تعالى ، و يستمد العون و النصرة منه وحده ،
فيصبح شجاعاً مقداماً ، لا ترهبه المواقف و لا تخيفه المخاطر ،
يقول الحق و لا يخاف في الله لومة لائم ، إذ علم أن الأمر كله بيد الله
العزيز الحكيم ، و أنه لا يملك أحد من الناس ضراً ولا نفعاً لأحد إلا
التزم أوامر الله تعالى ، فقف عند حدوده فلا تقربها ، و إياك أن
تتعداها ، و قم بما فرض عليك ولا تتهاون به ، و ابتعد عما نهاك
عنه و اجعل بينك و بينه حجاباً ، و انظر عندها كيف يحفظ الله تعالى
عليك دينك، ويصون عقيدتك من الزيغ ، ويقيك من هواجس النفس
و رجس الضلال ، و كيف يحميك من شرار الخلق ، و يمنعك من
شياطين الإنس و الجن ، و يدفع عنك كل أذى أو ضيم .
و إن أنت حفظت الله تعالى في دنياك حفظك في آخرتك ، فوقاك من
النار و أعدّ لك جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين .
تناديك الملائكة مرحبة و مكرمة :
{ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ
وَ جَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ *
لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }
وفاءً بما بشَّرك به الله تعالى إذ قال :
{ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ }
نصرة الله تعالى و تأييده :
من حفظ الله تعالى كان معه ، يعينه و ينصره ، و يحميه و يؤيده ،
و يوفقه و يسدده ، كلما حلك الظلام أو ضاقت به الأحوال :
( احفظ الله تجده تجاهك ) :
تجده معك حارساً و حامياً ، وعضداً وسنداً:
{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ }
و لكن نصرة الله تعالى و تأييده مرتبطان بفعل أوامره و اجتناب
نواهيه ، فمن أطاع الله تعالى نصره و أيده ، و من عصاه خذله
{ إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }

من حفظ الله تعالى في شبابه و قوته حفظه الله تعالى حالَ كبره و
ضعف قوته ، و متَّعه بسمعه و بصره و عقله ، و أكرم نزلَه يوم
القيامة ، فأظلَّه بظَّل عرشه حيثُ لا ظِلَّ إلا ظلّه ، كما ثبت في
( سبعة يظللهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله :
إمام عادل وشابُ نشأ في عبادة الله عز وجل .. )
و لعل هذا هو السر في توجيهه صلى الله عليه و سلم هذه الوصية
لابن عمه رضي الله عنه ، و هو فتى في مقتبل العمر ، ليغتنم الشباب
و حيويته ، و الفتوة و نشاطها .

التوجه إلى الله تعالى وحده بالاستعانة و الدعاء و السؤال :
يوجه رسول الله صلى الله عليه و سلم ابن عمه - ومن على طريقه
من المؤمنين الصادقين - أن يكون توجهه دائماً و أبداً إلى الله
سبحانه و تعالى العلي القدير ، و منه وحده يطلب العطاء ، و به
يستغاث و يستعان ، فلا يسأل سواه ، و لا يستمد العون من غيره ،
كما لا يتوجه بالدعاء والشكر إلا إليه ، و لا ترجى المغفرة إلا لديه ،
ولا يركع أو يسجد إلا بين يديه :