عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-25-2013, 07:22 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

( كل بدعة ضلالة )
المرتبة الثالثة: أن يصلى في تلك الليلة صلوات ذات عدد معلوم،
يكرر كل عام، فهذه المرتبة أشد ابتداعاً من المرتبة الثانية وأبعد عن السنة.
والأحاديث الواردة فيها أحاديث موضوعة،
قال الشوكاني في الفوائد المجموعة (ص 15 ط ورثة الشيخ نصيف) :
[ وقد رويت صلاة هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان
على أنحاء مختلفة كلها باطلة وموضوعة ]
الأمر الخامس:
أنه اشتهر عند كثير من الناس أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها
ما يكون في العام وهذا باطل، فإن الليلة التي يقدر فيها ما يكون في العام
هي ليلة القدر، كما قال الله تعالى:
{حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ
فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ
رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
وهذه الليلة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر، كما قال تعالى:
{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ }
وهي في رمضان، لأن الله تعالى أنزل القرآن فيه، قال تعالى:
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى” أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ
وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ
وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ
وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
فمن زعم أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام،
فقد خالف ما دل عليه القرآن في هذه الآيات.
الأمر السادس:
أن بعض الناس يصنعون أطعمة في يوم النصف يوزعونها على الفقراء
ويسمونها عشيات الوالدين. وهذا أيضاً لا أصل له
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيكون تخصيص هذا اليوم به من البدع
التي حذر منها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال فيها:
( كل بدعة ضلالة )
وليعلم أن من ابتدع في دين الله ما ليس منه فإنه يقع في عدة محاذير منها:
المحذور الأول: أن فعله يتضمن تكذيب ما دل عليه قول الله عز وجل:
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً
فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ،
لأن هذا الذي أحدثه واعتقده ديناً لم يكن من الدين حين نزول الآية،
فيكون الدين لم يكمل على مقتضى بدعته.
المحذور الثاني: أن ابتداعه يتضمن التقدم بين يدي الله ورسوله،
حيث أدخل في دين الله تعالى ما ليس منه. والله سبحانه
قد شرع الشرائع وحد الحدود وحذَّر من تعديها، ولا ريب أن من أحدث
في الشريعة ما ليس منها فقد تقدم بين يدي الله ورسوله،
وتعدى حدود الله ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون.
المحذور الثالث: أن ابتداعه يستلزم جعل نفسه شريكاً مع الله تعالى في الحكم
بين عباده، كما قال الله تعالى:
{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ
وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .
المحذور الرابع: إن ابتداعه يستلزم واحداً من أمرين،
وهما: إما أن يكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاهلاً بكون هذا العمل
من الدين، وإما أن يكون عالماً بذلك ولكن كتمه،
وكلاهما قدح في النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما الأول فقد رماه بالجهل
بأحكام الشريعة، وأما الثاني فقد رماه بكتمان ما يعلمه من دين الله تعالى.
المحذور الخامس: أن ابتداعه يؤدي إلى تطاول الناس على شريعة الله
تعالى، وإدخالهم فيها ما ليس منها، في العقيدة والقول والعمل،
وهذا من أعظم العدوان الذي نهى الله عنه.
المحذور السادس: أن ابتداعه يؤدي إلى تفريق الأمة وتشتيتها
واتخاذ كل واحد أو طائفة منهجاً يسلكه ويتهم غيره بالقصور، أو التقصير،
فتقع الأمة فيما نهى الله عنه بقوله:
{ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ
وَأُوْلَائِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
وفيما حذر منه بقوله:
{ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْءٍ
إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } .
المحذور السابع: أن ابتداعه يؤدي إلى انشغاله ببدعته عما هو مشروع،
فإنه ما ابتدع قوم بدعة إلا هدموا من الشرع ما يقابلها.
وإن فيما جاء في كتاب الله تعالى، أو صح عن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
من الشريعة لكفاية لمن هداه الله تعالى إليه واستغنى به عن غيره،
قال الله تعالى:
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مَّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى الصُّدُورِ
وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ
هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }
وقال الله تعالى:
{ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى }
أسأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا المسلمين صراطه المستقيم،
وأن يتولانا في الدنيا والآخرة إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين.
انتهى بقلم كاتبه الفقير إلى الله محمد الصالح العثيمين في 21/8/1403هـ.
[المصدر: مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين، 20/ 25- 33]
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس