فوائد من شريط الصبر عند الابتلاء و المحن
بين الله تعالى درجة أهل الصبر فقال :
{ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ }
{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
{ أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا }
وكذالك في مجادلة أهل النار قال :
{ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ
إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ }
والصبر صفة عظيمة في المؤمنين لهذا يعده اهل السلوك مقاما من
أن من جمع بين الصبر واليقين نال الامامة في الدين لان اليقين به
يقضى على الشبهات والصبر به يقضى على الشهوات
{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }
حين جمعوا بين الصبر واليقين نالوا الامامة في الدين .
وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوصي به عند المصائب .
( أن ابنةً لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُرسِلَتْ إليه ،
ومعَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أسامةُ بنُ زيدٍ وسعدٌ وأَبِي أو أُبَيٌّ ،
أن ابني قد احتُضِرَ فاشهَدْنا ، فأرسَلَ يَقْرَأُ السلامَ ويقولُ :
( إن للهِ ما أخَذ وما أعطَى، وكلُّ شيءٍ عِندَه مُسَمًّى ، فلتَصبِرْ وتَحتَسِبْ ) .
فأرسلَتْ إليه تُقسِمُ عليه ، فقام وقُمْنا معَه ، فلما قعَد رُفِع إليه ،
فأقعَده في حَجرِه ، ونفسُ الصبيِّ تَقَعْقَعُ ،
ففاضَتْ عينا رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقال سعدٌ :
قال : هذه رحمةٌ يضَعُها اللهُ في قُلُوبِ مَن يَشاءُ من عبادِه ،
وإنما يَرحَمُ اللهُ من عبادِه الرُّحَماءَ )
الراوي : أسامة بن زيد – المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم : 6655
خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
( مرّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ عند قبرٍ وهي تبكِي ،
فقال لها : اتقِي اللهَ واصبري ،
قالت : إليكَ عنّي فإنكَ لم تصبْ بمصيبَتِي ، ولم تعرفهُ ،
هو رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأخذها مثلَ الموتِ ،
فأتتْ بابَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فلم تجِدْ عنده بوابِينَ ،
فقالتْ : يا رسولَ اللهِ ! إنّي لم أعرفكَ .
فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
إن الصبرَ عندِ أَولِ الصدمةِ )
الراوي : أنس بن مالك – المحدث : البيهقي –
المصدر : السنن الصغير للبيهقي - الصفحة أو الرقم : 2/38
وعلى الانسان أن يعلم أن الجزع قبيح ووصف ذميم وهو من الخور
والضعف ولايرد مظلمة بل يزيد الشامتين شماتة ولهذا كان اهل
الجاهلية يتجلدون لأعدائهم حتى قال احدهم :
وتجلدي للشامتين أريهمُ أني لريب الدهر لا أتضعضع
وكل ما في الكون يتصرف الله فيه تصرف الملك في ملكه فاذا منحه
شي ثم سحبه منه فانه ملكه ولهذا قال تعالى :
{ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
وقد قال امير المؤمنين عمر رضي الله عنه عن هذا الجزاء العظيم
( نعم العلاوة ونعم الرفدان )
{ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
{ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ }
والجزع مدعاة الى سخط الله لانه اعتراض عليه في ملكه وقد روي
ان سليمان ابن مهران الاعمش كانت له زوجة هو بها معجب فماتت
فجأة فحزن عليها حزنا شديدا واحتجب عن الناس ولم يخرج
لتدريس من يدرسون العلم ومن كان يحدثهم بالحديث فبينما هو على
ذالك جاءت امراة فاستاذنت عليه فلم ياذن لها فقالت انها لن تبرح
الباب حتى يخاطبها وانها في ضرورة وأمر ماس لابد من اجابة
فلما راى الحاحها واصرارها دنا من الباب فسلم فخاطبته .
ان لي أختا كانت اعارتني علقا ثمينا وتمتعت به مدة من الزمن ثم
بعد هذا أرادت أن اعيده اليها وأنا لا اصبر عنه ولا أقبل ذلك .
أيها الشيخ ان الله سبحانه وتعالى كان قد أسدى اليك أهلك وهي ملك
له ليست ملكا لك ثم اخذها واستردها فما هي الا وديعة .
فكأن الشيخ سري عنه ما به وزال عنه ذالك من موقفه ذاك فدعى
وهذا المعنى أخذته من قول لبيد ابن ربيعة العامري اذ يقول :
وما المال والأهلون إلا وديعة ولابد يوما أن ترد الودائع
وكذالك عبد الله ابن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما لما
توفي العباس حزن عليه فاتاه الناس للعزاء وكان منهم رجل من
الأعراب فخاطبه بهذين البيتين البليغين :
اصبر نكن بك صابرين فإنما صبر الرعية عند صبر الراسي
خير من العباس أجرك بـعده والله خير منك للعبــــــــــــــاس
فكان ذالك سبب صبره وثباته .
وكذالك فقد كتب أحد العلماء الى نظير له في العلم ابتلي بمصيبة
فأراد تثبيته فيها فكتب إليه :
إنا معزوك لا أنا على ثقة من البقاء ولكن سنة الديـــــــن
فمن معزى بباق بعد ميته ولا المعزي وإن عاش إلى حين
وكذالك مما يحمل الانسان على الصبر أن يتذكر أن بقاءه في الدنيا
محدود ولم يات إليها لكي ينال مبتغاه إنما ذالك في الجنة .
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نــــــــار