(الحديث الحادي و العشرون :
ا لإستقامةُ و الإِيمَان )
عن أبي عَمْرو ، وَ قِيلَ : أبي عَمْرَةَ ،
سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثّقَفيِّ رَضيَ اللهُ عَنْهُ قَال :
( قُلْتُ : يا رَسُولَ الله ، قُلْ لي في الإِسْلاَمِ قَوْلاً ، لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً غَيْرَكَ .
قَال : قُلْ : آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ )
جامعاً لمعاني الدين ، واضحاً لا يحتاج إلى تفسير .
جدد إيمانك بالله متذكراً بقلبك ذاكراً بلسانك لتستحضرَ جميع تفاصيل
أي داومْ و اثبت على عمل الطاعات ، و الانتهاء عن جميع
إن قول النبي صلى الله عليه وسلم :
( آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ )
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ
أَلا تَخَافُوا وَ لا تَحْزَنُوا ..}
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ }
الإستقامة على التوحيد الكامل .
و الإستقامة درجة بها كمال الأمور، و بوجودها حصول الخيرات
ونظامها ، و من لم يكن مستقيماً في حالته ضاع سعيه و خاب جِدّه .
و الإستقامة هي سلوك الصراط المستقيم ، و هو الدين القويم من
غير تعويج عنه يمنة و لا يسرة ، و يشمل ذلك فعل الطاعات كلها
الظاهرة و الباطنة ، و ترك المنهيات كلها كذلك ، فصارت هذه
الوصية جامعة لخصال الخير كلها .
و أصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد ، و متى استقام القلب
على معرفة الله وعلى خشيته ، و إجلاله و مهابته ومحبته ، و إرادته
و رجائه و دعائه ، و التوكل عليه و الإعراض عما سواه ، استقامت
الجوارح كلها على طاعته ، لأن القلب هو ملك الأعضاء و هي
جنوده ، فإذا استقام الملك استقامت جنوده و رعاياه .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ
وإذَا فَسَدَتْ ، فسدَ الجَسدُ كُلُّهُ ألا وهِيَ القَلبُ)
و أعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان ، فإنه
ترجمان القلب والمعبِّر عنه ،
و يؤكد هذا ما ورد في الحديث الشريف :
( لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتى يستقيمَ قلبُه ، و لا يستقيمُ قلبُه
الراوي : أنس بن مالك – المحدث : الألباني –
المصدر : السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم : 2841
رجاله ثقات رجال مسلم غير الباهلي وهو حسن الحديث
إن الاستقامة ثبات و انتصار ، و رجولة و فوز في معركة الطاعات
والأهواء و الرغبات ، و لذلك استحق الذين استقاموا أن تتنزل
عليهم الملائكة في الحياة الدنيا ، ليطردوا من حياتهم الخوف
و الحزن ، و ليبشروهم بالجنة ، و ليعلنوا وقوفهم إلى جانبهم
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَ لا تَحْزَنُوا
وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ فِي الآخِرَةِ
وَ لَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ }
يرشد الحديث إلى الأمر بالاستقامة على التوحيد و إخلاص العبادة لله
و حرص الصحابة على تعلّم دينهم و المحافظة على أيمانهم.