( الحديث الثاني و العشرون : طَريقُ الجَنَّةِ )
1- التزام الفرائض و ترك المحرمات أساس النجاة
3 - الزكاة و الحج فريضتان محكمتان
5 - فعل الواجب و ترك المحرم وقاية من النار
6 - الإتيان بالنوافل زيادة قرب من الله تعالى
7 - التحليل والتحريم تشريعٌ لا يكون إلا لله تعالى
8 - الحِنث باليمين و البِرّ به
عَنْ أبي عَبْدِ اللهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضي اللهُ عَنْهُما :
أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقال :
( أَرَأَيْتَ إذَا صَلَّيْتُ الصَّلَواِت الْمكْتُوباتِ ، وَ صُمْتُ رَمَضانَ ،
وَ أَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ ، وَ حَرَّمْتُ الْحَرَامَ ، وَلَمْ أَزِدْ على ذِلكَ شَيْئاً ، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ ؟
وَمَعْنى حَرَّمْتُ الْحَرَامَ : اجْتَنَبْتُهُ .
وَمَعْنى أَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ :فَعَلْتُهُ مُعْتَقِداً حِلَّهُ .
هو النعمان بن قوقل الخزاعي .
الهمزة للاستفهام ، ورأى مأخوذة من الرأي ،
والمراد : أخبرني و أفتني .
المفروضات ، وهي الصلوات الخمس .
هو المأذون في فعله شرعاً .
كل ما منع الشرع من فعله على سبيل الحتم .
مع السابقين ، من غير سبق عذاب .
يحدثنا جابر رضي الله عنه عن ذلك المؤمن المتلهف إلى جنة
عرضها السماوات والأرض أُعِدَّت للمتقين ، إذ جاء يسأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن طريقها ، ويستفتيه عن عمل يدخله فسيح
رحابها ، فيدله رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغيته ، وتتحقق
التزام الفرائض وترك المحرمات أساس النجاة :
لقد سأل النعمان رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم :
هل إذا استمر في أداء الصلاة المفروضة عليه بقوله تعالى :
{ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا }
أي فرضاً محدداً بوقت ؟ ثم إذا أدرك شهر رمضان المفروض عليه
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِنْ
الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }
قام بصيامه ، ملتزماً لآدابه ومراعياً لحرمته ؟ ثم وقف عند حدود الله
تعالى فيما أحل أو حرم ، فلم يحل حراماً ولم يحرم حلالاً ، بل اعتقد
حل ما أحله الله وحرمة ما حرمه ، فاجتنب الحرام مطلقاً ،
وفعل من الحلال الواجب منه .
هل إذا فعل ذلك كله ، ولم يستزد من الفضائل المستحبة والمرغوب
- كفعل النوافل و ترك المكروهات ، و التورع عن بعض المباحات
أحياناً - هل يكفيه ذلك للنجاة عند الله تعالى و يدخله الجنة ، التي هي
منتهى أمله و مبتغاه ، مع المقربين الأخيار والسابقين الأبرار، دون
أن يمسه عذاب أو يناله عقاب ؟ .
و يجيبه رسول الله صلى الله عليه و سلم بما يطمئن نفسه ، و يشرح
صدره ، و يفرح قلبه ، ويشبع رغبته ، و يحقق لهفته ، ويرد عليه بالإيجاب .
أخرج النسائي و ابن حبان و الحاكم :
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
( ما من عبد يُصلِّي الصلواتِ الخمس ، و يصومُ رمضان ،
و يُخرجُ الزكاة ، و يجتنبُ الكبائرَ السبع ،
إلا فُتحت له أبوابُ الجنة يدخل من أيها شاء " . ثم تلا :
{ إن تجتنبوا كبائرَ ما تُنهون عنه نُكَفِّرْ عنكم سيئاتكم ونُدْخِلْكُم مُدْخلاً كريماً } )
الزنا ، و شرب الخمر ، و السحر ، والاتهام بالزنا لمن عُرِف بالعفة
و القتل العمد بغير ذنب ، والتعامل بالربا ، و الفرار من وجه أعداء
الإسلام في ميادين القتال .
و موقف رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا يدل على يسر الإسلام ،
و أن الله تعالى لم يكلف أحداً من خلقه ما فيه كلفة و مشقة ،
{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ}
فالتكاليف في الشريعة الإسلامية كلها متصفة باليسر ، و ضمن
إن النعمان رضي الله عنه كان مثال المؤمن الصريح بقلبه و قالبه ،
فهو لا يريد أن يتظاهر بالتقوى و الصلاح مما ليس في نفسه أن
يفعله ، أو لا يقوم به فعلاً ، بل هو إنسان يريد النجاة و الفلاح ،
و هو على استعداد أن يلتزم كل ما من شأنه أن يوصله إلى ذلك .