الوضوء من خصال الإيمان الخفية ، التي لا يُحافظ عليها إلا المؤمن
، قال عليه الصلاة و السلام :
( و لن يحافظَ على الوضوءِ إلا مؤمنٌ )
لأنه أمر غير ظاهر، إلى جانب ما فيه من المكاره ، ولذا كان المحافظ
عليه أسبق إلى دخول الجنة .
( أصبحَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ فدعا بِلالًا فقالَ :
يا بلالُ بمَ سبقتني إلى الجنَّةِ ما دخلتُ قطُّ إلَّا سمعتُ خَشْخَشتَكَ أمامي
إنِّي دخلتُ البارحةَ الجنَّةَ فسمعتُ خَشْخَشتَكَ
فأتيتُ على قَصرٍ من ذهَبٍ مرتفِعٍ مشرفٍ
قلتُ أنا عربيٌّ لمن هذا القصرُ
قالوا لرجلٍ منَ المسلمينَ من أمَّةِ محمَّدٍ
قلتُ فأنا محمَّدٌ لمن هذا القصرُ
قالوا لعمرَ بنِ الخطَّابِ
فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ لولا غَيرتُكَ يا عمرُ
فقالَ يا رسولَ اللَّهِ ما كنتُ لأغارَ عليك
قالَ وقالَ لبلالٍ بمَ سبقتني إلى الجنَّةِ قالَ ما أحدثتُ إلَّا توضَّأتُ وصلَّيتُ ركعتين
فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ بهذا )
الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي – المحدث : الوادعي –
المصدر : الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم : 166
ذِكْرُ الله تعالى و شكره :
إن التعبير عن شكر الله عز وجل بالإكثار من ذكره ، و لا سيما بما
ورد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم من صيغ و ألفاظ ، يملأ
ثوابه كفة ميزان الأعمال الصالحة يوم القيامة ، ففي مسند أحمد
رحمه الله تعالى ، عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما ،
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( إن الله تعالى اصطفى من الكلام أربعا :
سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر .
فمن قال : سبحان الله كتبت له عشرون حسنة ، وحطت عنه عشرون
سيئة . ومن قال : الله أكبر ، مثل ذلك .
ومن قال : لا إله إلا الله مثل ذلك ، ومن قال : الحمد لله رب العالمين
من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنة وحط عنه ثلاثون خطيئة )
الراوي : أبو سعيد الخدري و أبو هريرة – المحدث : السيوطي
المصدر : الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم : 1684
فمن عبر عما سبق بلسانه ، معتقداً بما تلفظ بملء قلبه و نفسه ،
مستحضراً لمعانيها بفكره و عقله ، فإنه ينال جزاءً عظيماً ، لو كان
يقاس بالمساحات و يقدر بالأحجام لَسَدَّ ما بين السماوات و الأرض ،
و كان له سُلَّماً يصعد عليه إلى درجات العلى .
لا بد حال الذكر من استحضار القلب و فهم المعاني ما أمكن ،
حتى يكون لذلك أثر في نفس المسلم ، فيطمئن قلبه و يستقيم سلوكه
{ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }
المؤمن في حاجة ماسة إلى اطمئنان قلبه و استقرار نفسه ، و لذا
لابد له أن يكثر من ذكر الله عز و جل ، حتى يكون دائماً على صلة به
معتمداً عليه ، مستمداً لعونه و نصرته ، طالباً لعفوه و مغفرته ،
حتى يذكره الله تعالى في ملكوته، فيشمله بفضله و رحمته ، و يُسَلِّكه
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلا
* هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا }
عند طلوع الشمس وعند ميلانها للغروب
الصلاة فريضة محكمة وركن أساسي من أركان الإسلام ، وهي - كما
بين صلى الله عليه وسلم - نور مطلق تدل صاحبها على طريق
الخير ، وتمنعه من المعاصي ، و تهديه سبيل الاستقامة ،
{ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ }
فهي نور معنوي يستضاء به في طرق الهداية والحق ، كما يُستضاء
بالضياء المادي إلى الطريق القويم و السلوك السليم ، و هي تكسب
المسلم الهيبة و البهاء في الدنيا ، كما تشع النور على وجهه يوم
{ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ }
{ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ }
الصلاة صلة العبد بربه ، و مناجاته لخالقه ، و لهذا كانت قرة عين
المتقين ، يجدون فيها الراحة و السكينة و الأمن ، و كان صلى الله
عليه و سلم إذا حَزَبَه - أمر أي : أصابه – قال :
( يا بلالُ أقمِ الصلاةَ وأرِحْنا بها )
البرهان هو الشعاع الذي يلي وجه الشمس ، ومنه سميت الحجة
القاطعة برهاناً لوضوح دلالتها على ما دلت عليه .
فكذلك الصدقة برهان على صحة الإيمان ، و طيب النفس بها علامة
على وجود الإيمان و طعمه .