أن يتذكر أن الناس لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم حياة ولا موتا
ما في الورى بدفاع جندك طاقة نمل مسلطة ضراغم عثّر
تذكر أن الثبات والصبر من المروءة لهذا فإن معاوية رضي الله عنه
والله ما منعني من الفرار يوم صفين إلا ابيات لعمرو ابن الاطنابة
أبت لي عفتي وأبى إبائي وأخـــــذ الحمد بالثمن الربيــح
واجسامي على المكروه نفسي وضربي هامة البطل المشيحي
وقولي كلما جشئت وجائت مكانك تحمدي أو تستريحـــــي
لأدفع عن مآثر صالحـات وأحمي بعد عن عرض صريح
ويحسن هنا ذكر أبيات جعفر ابن علبة الكلابي فإنه يقول :
هوايَ مع الركب اليمانين مصعد جنيب وجثماني بمكة موثـــق
عجبت لمسراها وأنى تخلصـــت إلي وباب السجن دوني مغلــق
ألمت فحيت ثم قامت فودعــــت فلما تولت كادت النفس تزهـق
فلا تحسبي أني تخشعت بعــدكم لشيء ولا أني من الموت أفرق
ولا أن نفسي يزدهيها وعيدهـم ولا أنني بالمشي بالقيد أخرق
ولاك اعترتني من هواك ضمانة كما كنت القى منك اذ أنا مطلق
فهذا أمير المؤمنين عبد الملك ابن مروان حين أراد غزو العراق
لقتال مصعب ابن الزبير رضي الله عنهما بكت أم أولاده وحزنت
لذالك وأرادت أن يرسل رجلا على الجيش وأن يبقى هو في الشام
قاتل الله كثيّر بن عبد الرحمن لكأنه ينظر إلينا الآن حين قال :
اذا ما أراد الغزو لم تثن همه حصان عليها نظم در يزينها
نهته فلما لم تر النهي عاقـــه بكت فبكى مما شجاها قطينها
وكذلك عندما كان في حرب إبن الأشعث أهدى إليه أحد أمرائه جارية
فكلمها فأعجب بثقافتها وذكائها وبشكلها وأدبها فباتت عنده فكف
والله ما يمنعني إلا أبيات لأحد العرب فلو اقتربت منك لكنت ألأم
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم دون النساء ولو باتت بأطهار
الموت في العزة خير من الحياة في الذل ولهذا قال أبو تمام في
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمـــــــــــــــر
فليس لعين لم ترق ماءها عـــــــــــــــــذر
توفيــت الآمال بعد محمـــــــــــــــــــــــــد
وأصبح في شغل عن السفر السّفـــــــــــر
ومـــــــا كان إلا زاد من قلّ مالـــــــــــــه
وذخرا لمن أمسى وليس له ذخــــــــــــــر
تردى ثياب الموت حمرا فما أتـــــــــــــــى
لها الليل إلا وهي من سندس خضــــــــــــر
فتى مات بين الضـــــــــــرب والطعن ميتة
تقوم مقام النصر إذ فاته النصــــــــــــــــــر
فأغرز في مستنقع الموت رجلــــــــــــــــه
وقال لها من تحت أخمصك الحشــــــــــــــــر
أي يوميّ من الموت أفر يـــــــوم لا يقدر أم يوم قدر
يوم لا يقدر لا أرهبــــــه ومتى لا يقدر لا ينجو الحذِر
قيل لعلي ابن ابي طالب ما الشجاعة ؟