( الحديث الرابع و العشرون : تَحْرِيمُ الظُّلْمِ )
2- تحريم الظلم على العباد
عن أبي ذَرٍّ الْغِفاريِّ رضي الله عنه ،
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يَرْويهِ عن رَبِّهِ عَزَّ وجَلَّ
( يا عِبادي إنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمَ على نَفْسِي وَ جعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فلا تَظَالَمُوا
يا عِبادي كُلُّكُمْ ضالٌّ إلا مَنْ هَدَيْتُهُ ، فاسْتَهدُوني أهْدِكُمْ
يا عِبادِي كُلُّكُمْ جائعٌ إلا مَنْ أطْعَمْتُهُ ، فاسْتَطْعِمُوني أُطْعِمْكُم
يا عِبادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إلا مَنْ كَسَوْتُهُ ، فاسْتكْسوني أَكسُكُم
يا عِبادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بالليْلِ والنَّهارِ ، وأنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعاً ،
فاسْتَغْفِرُوني أُغْفِر لكُمْ .
يا عِبادِي إِنَّكُمْ لنْ تبْلغُوا ضَرِّي فتَضُرُّوني ، ولن تبْلُغُوا نفْعي فَتَنْفعُوني
يا عِبادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وآخِرَكُمْ و إنْسَكُمْ وجِنَّكُمْ
كانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ واحدٍ مِنْكُمْ ما زادَ ذلك في مُلْكي شَيئاً
يا عِبادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وآخِرَكُمْ و إنْسَكُمْ وجِنَّكُمْ
كانُوا عَلَى أَفْجرِ قَلْبِ وَاحدٍ مِنْكُمْ ما نَقَصَ مِنْ مُلْكي شَيئاً
يا عِبادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وآخِرَكُمْ و إنْسَكُمْ وجنَّكُمْ قاموا في صَعِيدٍ ،
فَسَأَلُوني ، فأَعْطَيْتُ كلَّ واحدٍ مَسْأَلَتَهُ ما نَقَصَ ذلك مِمَّا عِنْدِي
إلا كما يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ الْبَحْرَ .
يا عِبادِي إنَّما هي أعمَالكُمْ أُحْصِيها لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاها ، فَمَنْ وَجَدَ خيْراً فَلْيَحْمَدِ اللهَ ،
ومَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلك فَلا يَلومَنَّ إلا نَفْسَهُ )
الظلم لغة : وضع الشيء في غير محله .
وهو مجاوزة الحد أو التصرف فيحق الناس بغير حق .
وهو مستحيل على الله تعالى .
أي لا يقع مني ، بل تعاليت عنه و تقدست .
غافل عن الشرائع قبل إرسال الرسل .
أرشدته إلى ما جاء به الرسل و وفقته إليه .
بكسر الميم وسكون الخاء ، الإبرة .
أضبطها لكم بعلمي وملائكتي الحفظة .
أوفيكم جزاءها في الآخرة .
ولفظ الحديث صريح في أن الله عز وجل منع نفسه من الظلم لعباده :
( إنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمَ على نَفْسِي )
وهو صريح في القرآن الكريم أيضاً ، قال تعالى :
{ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ{
حرم الله عز وجل الظلم على عباده ، ونهاهم أن يتظالموا فيما بينهم
فحرم على كل إنسان أن يظلم غيره ، مع أن الظلم في نفسه محرم
ظلم النفس، وأعظمه الإشراك بالله، قال تعالى:
{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
لأن المشرك جعل المخلوق في منزلة الخالق وعبده مع الله تعالى
ويلي ظلم الإشراك بالله المعاصي و الآثام الصغيرة والكبيرة، فإن
فيها ظلماً للنفس بإيرادها موارد العذاب والهلاك في الدنيا والآخرة .
ظلم الإنسان لغيره ، وقد تكرر تحريمه والتحذير منه في أحاديث
النبي صلى الله عليه و سلم ، ففي الصحيحين، عن عبد الله بن عمر
رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
) إنَّ الظُّلمَ ظلماتٌ يومَ القيامةِ (
والخلق كلهم مفتقرون إلى الله في جلب المصالح ودفع المضار في
الدنيا والآخرة ، فهم في حاجة ماسة إلى هداية الله ورزقه في الدنيا
وهم بحاجة إلى رحمة الله ومغفرته في الآخرة ، والمسلم يتقرب إلى
الله عز وجل بإظهار الحاجة والافتقار ، وتتجلى عبوديته الحقة لله
رب العالمين في إحدى الصور الثلاث التالية :
بالسؤال ، و الله سبحانه و تعالى يحب أن يُظْهِرَ الناسُ حاجتهم لله
و أن يسألوه جميع مصالحهم الدينية و الدنيوية : من الطعام
والشراب و الكسوة ، كما يسألونه الهداية والمغفرة .
بالامتثال الكامل ، وذلك باجتناب كل ما نهى الله تعالى عنه ، وفعل كل