الغل طريق موصلة للكذب والغيبة والنميمة:
فالغل يؤدي بك إلى أن تتكلم في أخيك المسلم بما لا يحل،
وقد يئول بك ذلك إلى الكذب عليه أو غيبته وإفشاء سره وهتك ستره؛
بل ربما دفعك ذلك إلى وشايته بما يئول إلى قتله،
إلى غير ذلك من الأضرار التي تنجم عن الحقد؛
كالاستهزاء به والسخرية منه، وإيذاءه بالضرب،
أو أن تمنعه حقه من قضاء دَين أو صلة رحم أو رد مظلمة،
وكل ما ذُكِرَ من أضرار الحقد
إنما هي معاصٍ يُحاسَب عليها العبدُ يوم القيامة،
ويجد ذلك مكتوبًا في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها،
وسيكون حينذاك الندم، لكن لا ينفع الندم.
فمن امتلأ قلبه بالغل والحقد سيسعى جاهدًا
أن يَحُطَّ من منزلة من يحقد عليه بين الناس بالغيبة والنميمة،
ونشر الأكاذيب والأراجيف حوله،
والغيبة والنميمة من كبائر الذنوب وصاحبها على خطر عظيم،
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُواكَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ
وَلَاتَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْأَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً
فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوااللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }
وقد ترى هذا بكثرة للأسف الشديد بين أوساط الدعاة وطلبة العلم،
ممن لم يتحلوا بأخلاق العلم والعلماء؛
فتجد بعضهم يتكلم على بعض وتنتشر الاتهامات بالتبديع والتفسيق،
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الغل والحقد يوقع صاحبه في مجموعة من الأمور المحرمة :
[ والحقد يثمر ثمانية أمور:
وهو أن يحمل الحاقد على أن يتمنى زوال النعمة عن المحقود عليه،
فيَغتَم بنعمة إن أصابها، ويُسَر بمصيبة إن نزلت به.
(2) أن يزيد الحاقد على إضمار الحسد في الباطن،
فيشمت بما أصابه من البلاء.
(3) أن يهجر ويصارم وينقطع عنه،
وإن طلب وأقبل على المحقود عليه وهو دونه.
(4) أن يعرض الحاقد عن المحقود عليه استصغارًا له.
(5) أن يتكلم الحاقد في المحقود عليه بما لا يحل؛ من كذب، وغيبة،
وإفشاء سر، وهتك ستر، وغيره.
(6) أن يحاكي الحاقد المحقود عليه استهزاء به، وسخرية منه.
(7) الاعتداء عليه بأي صورة من الصور.
(8) أن يمنعه حقده من قضاء دَيْن، أو صلة رحم، أو رد مظلمة،
[ إحياء علوم الدين، الغزالي، (2/369) ] .
الغل والحقد قد يدفع صاحبه إلى القتل :
كما حدث مع ابني آدم عليه السلام حين قتل أحدهما الآخر
{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا
وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَلَ أَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ {27}
لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ
إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّالْعَالَمِينَ {28}
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ
{29} فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
[ يقول تعالى مبينًا وَخِيم عاقبة البغي والحسد والظلم في خبر ابني آدم،
هابيل وقابيل كيف عدا أحدهما على الآخر فقتله بغيًا عليه وحسدًا له،
فيما وهبه الله من النعمة وتَقَبَّل القربان الذي أخلص فيه لله عز وجل،
ففاز المقتول بوضع الآثام والدخول إلى الجنة،
وخاب القاتل ورجع بالصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة ]
[تفسير ابن كثير، (3/81-82) ] .
الغل والحقد يؤخر مغفرة الله للعبد :
فمن كانت بينه وبين أخيه شحناء وبغض؛
لا يغفر الله له حين ترفع الأعمال لله عز وجل يوم الاثنين والخميس
كما قال صلى الله عليه وسلم :
( تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس،
فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء،
فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا،
1- لا تنم أخي الشاب، وتضع رأسك على السرير،
وليس في قلبك شيء من الحقد والحسد والغل لأحد من الناس
سواء كان هذا من الأسرة أو الأصدقاء أو الأقارب.
اذهب إليه وقل له: إنك تضايقت منه في كذا وكذا،
حتى لا يأخذ في اعتباره ذلك، ثم سامحه واصفح عنه.