( الحديث السادس و العشرون :
الإصلاحُ بَينَ النَاس و العدل فيهم )
1- الشكر على سلامة الأعضاء 2- أنواع الشكر
أ- العدل بين المتخاصمين ب - إعانة الرجل في دابته
ج - الكلمة الطيبة د - المشي إلى الصلاة
هـ - إماطة الأذى عن الطريق
6- صلاة الضحى تجزئ في شكر سلامة الأعضاء
7- حمد الله على نعمه شكرٌ
8-إخلاص النية لله تعالى في جميع الصدقات
عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضي اللهُ عنه قال :
قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم :
( كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ :
تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ ، وتُعين الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عليها أو تَرْفَعُ
لهُ متَاَعَهُ صَدَقَةٌ ، والْكَلِمةُ الطَّيِّبةُ صَدَقَةٌ ، وبكُلِّ خَطْوَةٍ تَمشِيها إلى
الصَّلاةِ صَدَقَةٌ ، وتُمِيطُ الأَذَى عنِ الطَّرِيِق صَدَقَةٌ )
السلامى : عظام الكف و الأصابع و الأرجل ، والمراد في هذا
الحديث جميع أعضاء جسم الإنسان و مفاصله .
تحكم بالعدل بين متخاصمين .
و في معنى الدابة السفينة والسيارة وسائر ما يحمل عليه .
أي تحمله ، أو تعينه في الركوب ، أو في إصلاحها .
الخطوة : بفتح الخاء : المرة من المشي ،
و بضمها : بُعْدُ ما بين القدمين .
بفتح التاء وضمها : تزيل ، من ماط و أماط : أزال .
و الأذى : كل ما يؤذي المارَّة من حجر أو شوك أو قذر .
لقد خص النبي صلى الله عليه و سلم السُّلاَمِيَّات بالذِّكر في حديثه ،
لما فيها من تنظيم و جمال ، و مرونة و تقابل ، و لذا هدد الله عز
وجل و توعد كل معاند وكافر بالحرمان منها بقوله :
{ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ }
أي أن نجعل أصابع يديه ورجليه مستوية شيئاً واحداً ، كخف البعير
وحافر الحمار ، فلا يمكنه أن يعمل بها شيئاً ، كما يعمل بأصابعه
المفرقة ذات المفاصل من فنون و أعمال .
الشكر على سلامة الأعضاء :
إن سلامة أعضاء جسم الإنسان ، وسلامة حواسه وعظامه
ومفاصله ، نعمة كبيرة تستحق مزيد الشكر لله تعالى المنعم المتفضل
على عباده . وقال سبحانه :
{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ }
قال ابن عباس : النعيم : صحة الأبدان والأسماع والأبصار ،
يسأل الله العباد : فيم استعملوها ، وهو أعلم بذلك منهم ، وهو قوله
{ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا }
وأخرج الترمذي وابن ماجه :
( إنَّ أوَّلَ ما يُسأَلُ عنهُ يومَ القيامةِ يعني العبدَ منَ النَّعيمِ أن يقالَ لَهُ :
ألم نُصحَّ لَكَ جِسمَكَ ، ونُرْويَكَ منَ الماءِ الباردِ )
و مع هذا فإن كثيراً من الناس - يغفلون عن هذه النعم العظيمة ، و
يتناسَون ما هم فيه من سلامة وصحة وعافية ، و يهملون النظر
والتأمل في أنفسهم ، ومن ثَمَّ يقصرون في شكر خالقهم .
إن شكر الله تعالى على ما أعطى وأنعم يزيد في النعم ويجعلها دائمة
{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ }
ولا يكفي أن يكون الإنسان شاكراً بلسانه ، بل لا بد مع القول من
العمل ، والشكر المطلوب واجب ومندوب :
هو أن يأتي بجميع الواجبات ، وأن يترك جميع المحرمات ، وهو
كاف في شكر نعمة الصحة وسلامة الأعضاء وغيرها من النعم .
هو أن يعمل العبد بعد أداء الفرائض واجتناب المحارم بنوافل
الطاعات ، وهذه درجة السابقين المقربين في شكر الخالق عز وجل
وهي التي تُرشد إليها أكثر الأحاديث الواردة في الحث على الأعمال
العدل بين المتخاصمين و المتهاجرين :
ويكون ذلك بالحكم العادل ، وبالصلح بينهما صلحاً جائزاً لا يُحِلُّ
حراماً ولا يُحَرِّم حلالاً ، وهو من أفضل القربات وأكمل العبادات ،
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ }
والإصلاح بين المتخاصمين أو المتهاجرين صدقة عليهما ، لوقايتهما
مما يترتب على الخصام من قبيح الأقوال والأفعال ، و لذلك كان
واجباً على الكفاية ، وجاز الكذب فيه مبالغة في وقوع الأُلفة بين