عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-05-2013, 10:55 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

لكن هؤلاء الذين أرادوا هداية البشر, يعطيهم الله إمكانات فكرية
وعقلية وبيانية تفوق حدَّ الخيال، لذلك من خصائص الأنبياء:
الفطانة، والنبيُّ عليه الصلاة والسلام، دعونا من نبوَّته ومن رسالته,
فهو شخصية فذَّة، كان يفهم أدقَّ الأمور، ويتصرَّف بحكمة ما بعدها حكمة .
قلت لكم مرة: إن أصحابه الأنصار لما وجدوا عليه في أنفسهم،
صارت هناك حركة ضده، ما أعطاهم من الغنائم شيئا،
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, قَالَ:
( لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللـَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ, وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ,
وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ, وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ,
حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمْ الْقَالَةُ, حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ:
لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ,
فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللـَّهِ!
إِنَّ هَذَا الْحَيَّ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ, لِمَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْفَيْءِ,
الَّذِي أَصَبْتَ قَسَمْتَ فِي قَوْمِكَ, وَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَامًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ,
وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ الْأَنْصَارِ شَيْءٌ,
قَالَ: فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!
مَا أَنَا إِلَّا امْرُؤٌ مِنْ قَوْمِي, وَمَا أَنَا,
قَالَ: فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ,
قَالَ: فَخَرَجَ سَعْدٌ, فَجَمَعَ النَّاسَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ,
قَالَ: فَجَاءَ رِجَالٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ, فَتَرَكَهُمْ فَدَخَلُوا, وَجَاءَ آخَرُونَ فَرَدَّهُمْ,
فَلَمَّا اجْتَمَعُوا, أَتَاهُ سَعْدٌ, فَقَالَ: قَدْ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ,
قَالَ: فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ, ثُمَّ قَالَ:
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ, مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ,
أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ, وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ, وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ؟
قَالُوا: بَلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ,
قَالَ: أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟
قَالُوا: وَبِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ؟
قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ, لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ, فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ, أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ,
وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ, وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ, وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ,
أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا,
تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا, وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ,
أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ,
وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِحَالِكُمْ؟
فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ,
وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا, وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا, لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ,
اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ, وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ, وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ,
قَالَ: فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ,
وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قِسْمًا وَحَظًّا,
ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَتَفَرَّقْنَا )
[أخرجه أحمد في المسند]
إنها فتنة، فكيف أنّ النبيُّ بوفائه, وعفوه, ورحمته, وحكمته, وبسياسته,
حلَّ مشكلتهم, حتى بكوا وأخضلوا لحاهم؟ .
مرة قلت لكم: إن أحــد الخلفاء جاءته رسالةٌ من مواطن عادي:
فيا معاوية، إن رجالك قد دخلوا أرضي، فَانْهَهُمْ عن ذلك،
وإلا كان لي ولك شأنٌ، والسلام
أعطاها لابنه، فلما قرأها صار يرجف،
قال: أرى أن ترسل له جيشا, أولُه عنده وآخره عندك, يأتوك برأسه،
تبسَّم سيدنا معاوية،
وقال له: غيرُ هذا أفضل، كتب: اكتب للكاتب:
[ فقد وقفتُ على كتاب ولد حواري رسول الله، ولقد ساءني ما ساءه،
والدنيـا كلها هيِّنة جنب رضاه، لقد نزلت له عن الأرض ومن فيها ]
ويأتي الجوابُ :
[ أما بعد, فيا أمير المؤمنين، أطال اللهُ بقاءك، ولا أعدمك الرأيَ,
الذي أحلَّك من قومك هذا المحلَّ ]
يأتي ابنُه، ويقول له:
[ يا بنيَّ, تريد أن نبعث له جيشا أوله عنده وآخره عندنا،
يأتون برأسه، -حروب عشر سنوات، هذا الكلام الطيِّب أطفأ الفتنةَ- قال له:
يا بني, من عفا ساد، ومن حلُم عظُم، ومن تجاوز استمال إليه القلوبَ ]
لمّا يعفو الإنسان عن خصومه، ما الذي يحدث ؟.
أولا: يبقى الطريقُ إلى الله سالكا، لأنه عمل عملا يرضي اللهَ، ويزداد إيمانه.
ثانيا: هذا الذي عفوتَ عنه أحبَّك، وذاب في حبِّك، فأنت اطمأننت،
أما لو انتقمت منه، صار جوُّك متوتِّرا، العنفُ لا يأتي إلا بالعنف،
هذه قاعدة، العنف لا يلد إلا العنف، لما تنتقم سيتحرَّك المنتَقم منه,
لينتقم منك ثانية، إلى سلسلة لا نهاية لها، لو يعلم الناسُ ما في العفو
من راحة نفسية، ومن سعادة، ومن لَمِّ الشمل،
ومن تكتُّل الناس بعضِهم بعضا, لاتّخذه سبيلا في حياته، أما الانتقام دائما:
فيسبِّب العنف الذي لا يلد إلا العنف .
في أي عهد من الخلفاء الراشدين ولد هذا التابعي,
وما هي الأحداث التي جرت حتى نقل هو وأخته إلى المدينة,
ومن تولى تربيتهما؟
هذا التابعي الجليل وُلد في أواخر خلافة عثمان بن عفان،
هذا الطفل الصغير له قصة: والدُه عُيِّن واليًا على مصر،
وقُتِل والدُه في مصر، فنُقــل مرة ثانية إلى المدينة، تبدأ القصةُ
حينما يتحدَّث هو عن نفسه، يقول:
[ لما قُتل أبي بمصر, جاء عمي عبد الرحمن بن أبي بكر,
فاحتملني أنا وأختي الصغيرة، ومضى بنا إلى المدينة، فما إن بلغناها,
حتى بعثت إلينا عمَّتي عائشة رضي الله عنها .
-أيها الأخوة, المرأة إذا قامت بواجباتها خير قيام تصنع الرجالَ، و كما ورد:
( امرأة شكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم زوجَها،
وسمع الله شكواها من فوق سبع سموات، قالت: يا رسول الله:
إن زوجي تزوَّجني, وأنا شابة، ذات أهل ومال، فلما كبرت سني،
و نثر بطني، وتفرق أهلي، وذهب مالي,
قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا,
وإن ضممتهم إليَّ جاعوا ) .


موسوعة الاسرة المسلمة
اخوكم في الله مصطفى الحمد

رد مع اقتباس