الأخت / الملكة نور
( 1- معنى الزهد 2- أقسام الزهد 3- الحامل على الزهد
4- تحقير شأن الدنيا والتحذير من غرورها
5- الذم الوارد للدنيا ليس للزمان و لا للمكان
6- كيف نكتسب محبة اله تعالى
8- زهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وزهد أصحابه الكرام
عن أبي العَبَّاسِ سَهْلِ بن سعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي اللهُ عنه قال :
( جاء رَجُلٌ إلى النَّبِّي صلى الله عليه وسلم فقال :
يا رسوَل اللهِ، دُلَّني على عَمَلٍ إذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّني اللهُ وأَحَبَّني النَّاسُ .
فقال : ازْهَدْ في الدُّنيا يُحِبَّكَ اللهُ، وازْهَدْ فيما عِنْدَ النَّاس يُحِبَّكَ النَّاسُ )
[حديث حسن رواه ابن ماجه وغَيْرُهُ بأسانيدَ حَسَنة ]
" أحبني الله " : أثابني وأحسن إليَّ
"وأحبني الناس": مالوا إلي ميلاً طبيعياً ، لأن محبتهم تابعة لمحبة الله،
فإذا أحبه الله ألقى محبته في قلوب خلقه .
" ازهد " : من الزهد ، وهو لغة : الإعراض عن الشيء احتقاراً له ،
وشرعاً : أخذ قدر الضرورة من الحلال المتيقَّن الحِلّ .
" يحبَّك الله " : بفتح الباء المشددة، مجزوم في جواب الأمر .
تنوعت عبارات السلف والعلماء الذين جاؤوا بعدهم في تفسير الزهد
في الدنيا، وكلها ترجع إلى ما رواه الإمام أحمد عن أبي إدريس الخولاني
[ ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال ،
إنما الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يديك
وإذا أصبت مصيبة كنت أشد رجاء لأجرها وذخرها من إياها لو بقيت لك ]
وفي هذا القول تفسير الزهد بثلاث أمور كلها من أعمال القلوب
لا من أعمال الجوارح، وهذه الأمور الثلاثة هي :
أن يكون العبد واثقاً بأن ما عند الله تعالى أفضل مما في يده نفسه،
وهذا ينشأ من صحة اليقين، والوثوق بما ضمنه الله تعالى من أرزاق عباده ،
{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا }
أن يكون العبد إذا أصيب بمصيبة في دنياه، كذهاب مال أو ولد،
أرغب في ثواب ذلك أكثر مما لو بقي له .
أن يستوي عند العبد حامده و ذامه في الحق،
قال ابن مسعود رضي الله عنه:
[ اليقين أن لا تُرضي الناس بسخط الله ]
الزهد في الدنيا أن لا تأس على ما فات منها ، و لا تفرح بما أتاك منها .
قسَّم بعض السلف الزهد إلى ثلاثة أقسام :
الزهد في الشرك وفي عبادة ما عُبِد من دون الله .
الزهد في الحرام كله من المعاصي .
والقسمان الأول والثاني من هذا الزهد كلاهما واجب ،
والقسم الثالث ليس بواجب .
والذي يحمل الإنسان على الزهد أمور منها :
استحضار الآخرة ، ووقوفه بين يدي خالقه في يوم الحساب والجزاء،
فحينئذ يغلب شيطانه وهواه، ويصرف نفسه عن لذائذ الدنيا الفانية .
استحضار أن لذات الدنيا شاغلة للقلوب عن الله تعالى .
كثرة التعب والذل في تحصيل الدنيا، وسرعة تقلبها وفنائها،
ومزاحمة الأرذال في طلبها، وحقارتها عند الله تعالى،
( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء )
استحضار أن الدنيا ملعونة ، كما في الحديث الحسن
الذي رواه ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه :
( الدنيا ملعونةٌ ، ملعونٌ ما فيها ، إلا ذكر الله تعالى وما والاه ،