
07-09-2013, 02:16 AM
|
Moderator
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
|
|
سنة متروكة يجب إحياؤها
الأخ / الصبر ضياء - الفرج قريب
سنة متروكة يجب إحياؤها
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة
الأحاديث رقم (31 - 32):
استفاضت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم
في الأمر بإقامة الصفوف وتسويتها ، بحيث يندر أن تخفى على أحد
من طلاب العلم فضلاً عن الشيوخ ، ولكن ربما يخفى على الكثيرين منهم
أن إقامة الصف تسويته بالأقدام ، وليس فقط بالمناكب ،
بل لقد سمعنا مراراً من بعض أئمة المساجد حين يأمرون بالتسوية
التنبيه على أن السنة فيها إنما هي بالمناكب فقط دون الأقدام ،
ولما كان ذلك خلاف الثابت في السنة الصحيحة ،
رأيت أنه لا بد من ذكر ماورد من الحديث ،
تذكيراً لمن أراد أن يعمل بما صح من السنة ،
غير مغتر بالعادات والتقاليد الفاشية في الأمة.
فأقول : لقد صح في ذلك حديثان:
الأول : من حديث أنس.
والآخر : من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما .
أما حديث أنس فهو:
31- ( أَقِيمُوا صُفُوفَكُم ْ وتراصوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي).
رواه البخاري
وأحمد من طرق عن حميد الطويل : ثنا أنس بن مالك قال :
( أقيمت الصلاة ، فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه ،
فقال : فذكره ).
زاد البخاري في رواية :
( قبل أن يكبر)
وزاد أيضا في آخره :
( وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه ، وقدمه بقدمه ).
وهي عند المخلص ، وكذا ابن ابي شيبة بلفظ :
قال أنس :
[ فلقد رأيت احدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه ،
فلو ذهبت تفعل هذا اليوم ، لنفر أحدكم كأنه بغل شموس ]
وترجم البخاري لهذا الحديث بقوله :
( باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف ).
وأما حديث النعمان فهو:
32- ( أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ثَلَاثًا وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ).
وفي هذين الحديثين فوائد هامة:
الأولى : وجوب إقامة الصفوف وتسويتها والتراص فيها ، للأمر بذلك ،
والأصل فيه الوجوب ، إلا لقرينة ، كما هو مقرر في الأصول ،
والقرينة هنا تؤكد الوجوب ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم :
( أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ )
فإن مثل هذا التهديد لا يقال فيما ليس بواجب ، كما لا يخفى.
الثانية : أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب ،
وحافة القدم بالقدم ، لأن هذا هو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم
حين أمروا بإقامة الصفوف ، والتراص فيها ،
ولهذا قال الحافظ في ( الفتح ) بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها
في الحديث الأول من قول أنس:
وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
، وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته
ومن المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون ،
بل أضاعوها ، إلا القليل منهم ، فإني لم أرها عند طائفة منهم
إلا أهل الحديث ، فإني رأيتهم في مكة سنة (1368هـ) حريصين
على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة والسلام ،
بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة – لا أستثني منهم حتى الحنابلة
فقد صارت هذه السنة عندهم نسياً منسياً ،
بل إنهم تتابعوا على هجرها والإعراض عنها ، ذلك لأن أكثر مذاهبهم
نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين بقدر أربع أصابع ،
فإن زاد كره ، كما جاء مفصلاً في
( الفقه على المذاهب الأربعة )( 1\ 207 )
والتقدير المذكور لا أصل له في السنة ، وإنما هو مجرد رأي ،
ولو صح لوجب تقييده بالإمام والمنفرد حتى لا يعارض به
هذه السنة الصحيحة ، كما تقتضيه القواعد الأصولية.
وخلاصة القول : إنني أهيب بالمسلمين – وبخاصة أئمة المساجد
الحريصين على اتباعه صلى الله عليه وسلم ،
واكتساب فضلية إحياء سنته صلى الله عليه وسلم ، أن يعملوا بهذه السنة ،
ويحرصوا عليها ، ويدعوا الناس إليها ، حتى يجتمعوا عليها جميعاً ،
وبذلك ينجون من تهديد :
{ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ }
وأزيد في هذه الطبعة فأقول:
لقد بلغني عن أحد الدعاة أنه يهون من شأن هذه السنة العملية
التي جرى عليها الصحابة ، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم عليها ،
ويلمح إلى أنه لم يكن من تعليمه صلى الله عليه وسلم إياهم ،
ولم ينتبه – والله أعلم – إلى ذلك فهم منهم أولاً ، وأنه صلى الله عليه وسلم
قد أقرهم عليه ثانياً ، وذلك كاف عند أهل السنة في إثبات شرعية ذلك ،
لأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، وهم القوم لا يشقى متبع سبيلهم.
الثالثة : في الحديث الأول معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم ،
وهي رؤيته صلى الله عليه وسلم من ورائه ، ولكن ينبغي أن يعلم أنها
خاصة في حالة كونه صلى الله عليه وسلم في الصلاة ،
إذ لم يرد في شئ من السنة أنه كان يرى كذلك خارج الصلاة أيضاً ،
والله أعلم.
الرابعة : في الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس ،
وأن كان صار معروفاً في علم النفس ، وهو أن فساد الظاهر يؤثر
في فساد الباطن ، والعكس بالعكس ، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة ،
لعلنا نتعرض لجمعها وتخريجها في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى .
الخامسة : أن شروع الإمام في تكبيرة الإحرام عند قول المؤذن :
قد قامت الصلاة بدعة ، لمخالفتها للسنة الصحيحة ،
كما يدل على ذلك هذان الحديثان ، لا سيما الأول منهما ،
فإنهما يفيدان أن على الإمام بعد إقامة الصلاة واجباً ينبغي عليه القيام به ،
وهو أمر الناس بالتسوية ، مذكراً لهم بها ، فإنه مسؤول عنهم :
( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ .........).
المصدر:
منقول من شبكة الآجري
|