هناك أمر آخر
وهو أن النساء والرجال يميلون عادة إلى استخدام أنواع مختلفة
من مواد التجميل أو التنظيف، كالمواد المرطبة للبشرة مثلاً.
صورة مكبرة بالمجهر الإلكتروني للجراثيم التي تعيش على راحة اليد،
ويقول الدكتور فيرر :
إن الدراسة توصلت إلى نتيجة مفادها
أن غسيل اليدين لم يكن له سوى مجرد أثر جد بسيط على التنوع البكتيري
الذي وُجد على يد كل من الرجال والنساء الذين أُخضعوا للبحث.
ففي الوقت الذي أبدت مجموعة من الجراثيم قابلية للزوال عن اليدين،
أظهرت مجموعة أخرى العكس وبقيت "متشبثة" بالجلد.
ولكن تجدر الإشارة إلى أن غسل اليدين باستخدام المنظفات المضادة
للبكتيريا يظل الطريقة الفعالة في القضاء على الجراثيم لدى الجنسين،
لطالما أن مثل هذه المواد المنظفة تستهدف الجراثيم الضارة تحديداً،
وبالتالي تقلل من مخاطر الإصابة بالمرض.
وفي بحث آخر نشرت نتائجه المجلة الطبية البريطانية
British Medical Journal
خلص الباحثون من خلال مراجعة 51 دراسة
إلى أن غسل الأيدي هي طريقة فعالة على المستوى الفردي
في الوقاية من انتشار الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي
بل إنها أكثر فعالية عند اتخاذها في آن واحد.
وفي دراسة أخرى نشرتها مجلة Cochrane Library
وجدوا أن غسل الأيدي بالصابون والماء فقط
وسيلة بسيطة وفعالة لكبح انتشار الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي
بدءاً من فيروسات البرد اليومية إلى الأنواع المهلكة
التي تؤدي إلى انتشار الأوبئة.
وقد رأت الدراسة أن نسبة التنوع الجرثومي الموجود على راحة الكف
تكون أعلى بثلاثة أضعاف من تلك الموجودة على مقدمة اليد (الأصابع)
ومنطقة المرفق،
ويبدو أنها تفوق حتى نسبة البكتيريا الموجودة في الفم والأمعاء الغليظة.
ويؤكد الدكتور فيرر :
نحن نعلم أنه من المحتمل أن يكون للجلد المرتبط بالبكتيريا
تأثيراً أكثر أهمية على صحتنا من غيره.
لكننا حقيقة لا نعلم كيف يمكن أن تؤثر التجمعات البكتيرية
على صحة الجلد نفسه،
كما لا نعلم إن كانت أنواع محددة من الجراثيم أكثر فائدة من غيرها أم لا.
وتقول الدكتورة فاليري كارتيس،
مديرة مركز الصحة في كلية لندن للصحة والطب المداري :
ما زالت أمام العلم أشواط كبيرة لكي يقطعها في مجال المعرفة
والتعلم عن الكيفية التي تتفاعل وفقها الجراثيم مع الجسم البشري،
ويُعتقد أنه ربما يكون وجود مثل هذه التجمعات من الكائنات البكتيرية
على أيادينا أمرا مفيدا.
ماذا نستفيد من هذه الدراسة :
1- إن غسل الأيدي ضروري لإزالة بعض أنواع الجراثيم،
مع العلم أن بعض الجراثيم على الجلد تكون مفيدة للإنسان.
ولذلك فإن الإنسان عندما يتوضأ عدة مرات كل يوم
فإن هذه العملية كفيلة بإزالة الكثير من أنواع الجراثيم،
أما ما يتبقى فسوف يكون مفيداً للإنسان،لأن الله تعالى اختار لنا نظاماً طبيعياً
لحمايتنافخلق الجراثيم المفيدة والجراثيم الضارة.
ففي بحث آخر تبين للعلماء
أن مجرد غسل الأيدي عدة مرات كل يوم
يساهم في إزالة الكثير من الجراثيم الضارة من الجلد.
والوضوء
هو غسل للأيدي والوجه والرجلين أي الأجزاء المكشوفة
والأكثر تعرضاً لتجمعات الجراثيم.
ومن هنا ندرك حكمة جديدة من حكم الوضوء،
فقد أراد الله لنا أن نبقى محافظين على صحتنا،
وبعيدين عن مختلف الأمراض.
فكل عملية وضوء كافية لإزالة ملايين الجراثيم والفيروسات من الأيدي
والفم والوجه والأنف والرجلين.
2- تذكرني نتيجة هذا البحث بآية عظيمة يقول فيها تبارك وتعالى :
{ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى }
[ آل عمران : 36 ] .
وأقول: سبحان الله!
حتى في نوعية الجراثيم التي تعيش على سطح الجلد
هناك اختلاف بين الذكر والأنثى، فانظروا معي إلى دقة هذه الكلمات الإلهية،
فكل شيء مختلف بين الذكر والأنثى،
فكيف يمكن المساواة بين الرجل والمرأة والله تعالى خلقهما مختلفين؟!
3- هناك ملاحظة لفت انتباهنا إليها أحد الإخوة الأفاضل
ووجدت من المفيد ذكرها، ألا وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يضع يده على فمه أثناء التثاؤب،
طبعاً لا يضع راحة اليد (حيث تكثر الجراثيم) بل يضع وجه الكفّ
حيث كمية الجراثيم أقل لأن هذه المنطقة معرضة للتهوية أكثر
وهي أقل استخداماً من راحة اليد أو باطن الكف،
وقد يكون في ذلك حكمة علمية،
والله أعلم.
{ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }
[ البقرة : 32 ]