أولها: أن ما قدره الله تعالى كائن لا محالة, ولو سعى المرء للفرار منه
{ قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ
عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ }
( وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ،
وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ)
ومن أيقن بهذا استراح قلبه
ثانيها: ليس معنى كون البلاء موكلًا بالمنطق أنه لا يصيبه بلاء إلا بسبب منطقه
فالعبد قد يبتليه الله تعالى اختبارًا أو عقابًا ولو لم يتكلم بما يوافق المصيبة.
ثالثًا: إن الإغراق في التخوف من المنطق خشية البلاء
والتدقيق في ربطه بما يقع من المصائب قد يجر صاحبه إلى التشاؤم
فإذا تبين لك هذا: فاعلم أن من أسباب السلامة حفظ المنطق
وأن لا يتكلم الإنسان إلا بالكلام الطيب المشتمل على الفأل الحسن
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن الطيرة قال:
( وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ, قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ )
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: فحفظ المنطق, وتخير الأسماء من توفيق الله للعبد,
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من تمنى أن يحسن أمنيته,
قَالَ صلى الله عليه وسلم:
( إن أحدكم لا يدري ما يكتب له من أمنيته)
أي: ما يقدر له منها, وتكون أمنيته سبب حصول ما تمناه أو بعضه
وقد بلغك أو رأيت أخبار كثير من المتمنين أصابتهم أمانيهم أو بعضها . اهــ
والذي يظهر - والله تعالى أعلم - أن سبب أن يقع الرجل فيما تكلم به
الأول: هو ظن بربه . و ذلك لما جاء في الصحيحين
عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ:
( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي )
فمن تكلم البلاء و ظن أن ربه سيوقعه فيه ، فقد يقع فيه.
الثاني: أن يقول هذا الكلام سخرية من الغير ، و قد صح
عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أنه قال :
لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْبٍ خَشِيتُ أَنْ أُحَوَّلَ كَلْبًا»
رواه هناد في "الزهد " رواه ابن أبي شيبة في المصنف6/116وغيره
وجاء عن طائفة من السلف نحوه
الثالث: أن يقول هذا الأمر و يظن أنه يمتنع عنه لقدرته . قال ابن رشد
في البيان و التحصيل " 18/ 276"
قال مالك : كان ابن مسعود يقول إن البلاء موكل بالقول .
قال محمد بن رشد : يريد أن الرجل إذا قال لا أفعل كذا وكذا معتقداً أنه
لا يفعله لقدرته على الامتناع منه قد يعاقبه الله عز وجل بأن يوقعه
وبيان هذا التفسير قوله فى غير هذا الحديث : إنى لا أقول لا أعبد هذا الحجر
إن البلاء موكل بالقول ، ومن هذا ما جاء في تذكرة الحفاظ للذهبي (1/ 32):
عن ضحاك بن عثمان عن بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار قال كنت
أقسم نفسي بين ابن عباس وابن عمر رضى الله تعالى عنهم أجمعين
فكنت أكثر ما أسمع بن عمر رضى الله تعالى عنهما يقول: لا أدري
وابن عباس رضى الله تعالى عنهما لا يرد أحدا ف
سمعت ابن عباس رضى الله تعالى عنهما يقول عجبا
لابن عمر رضى الله تعالى عنهما ورده الناس ألا ينظر في ما يشك
فإن كانت مضت به سنة قال بها وإلا قال برأيه
قال: سمعت بن عباس رضى الله تعالى عنهما وسئل عن مسألة