وقال القاسم ابن الحافظ ابن عساكر :
[ كان أبي مواظباً على صلاة الجماعة
وتلاوة القرآن يختم كل جمعة ويختم في رمضان كل يوم ]
أن الأفضل للإنسان أن يختم في كل سبع
كما كان كثير من الصحابة يسبع واختاره كثير من أهل العلم
فإن لم يتيسر له ففي عشر وإن رغب في الخير في الأوقات الفاضلة
فختم بأقل من ثلاث من غير مفسدة فلا حرج عليه.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم
( كان يختم في كل سبع ولا يصح )
أنه ليس هناك وقت محدد في الشرع لوقت الختمة في ساعة من الليل
أو النهار أو ليلة معينة في الأسبوع كليلة الجمعة فيفعل العبد ما هو أيسر له
وأجمع لقلبه وأشرح للعبادة وأفرغ لوقته فلا فضل في وقت معين
وما ورد من آثار بعض الصحابة والتابعين لا يدل على التحديد في هذا الباب
لأن هذا اجتهاد منهم ليس عليه دليل من الشرع والأمر في ذلك واسع.
وكذلك جميع ما روي من استغفار ستين ألف ملك عند ختمة القرآن
أو استغفار عدد معين عند ختمة القرآن أول الليل فمنكر لا يصح منه شيء
( إذا ختم العبد القرآن صلى عليه عند ختمه ستون ألف ملك ) .
( من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي
ومن ختمه آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح ) .
أن يعتقد للختمة ثوابا خاصا لم ترد في الشرع وإن كان فيها فضل عظيم
وموطن دعاء وتعرض لعطايا الرب لأنه ختام عمل صالح تلاوة أشرف كلام.
أن يجعل له ورد من القرآن من ليل أو نهار
سواء كان ذلك داخل صلاة النفل أو خارجها
لقوله صلى الله عليه وسلم :
فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها )
يواظبون على قراءة حزب معين كل ليلة وآثارهم كثيرة في هذا الباب.
ولم يرد في الشرع قدر محدد من السور أو الآيات يقرؤها كل ليلة أو يوم
ومن حدد شيئا في هذا فقد أخطأ وما يروى في هذا الباب لا يصح منه شيء
وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل لم تكن مؤقتة في القدر
وقد ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قرأ سورة البقرة
ثم افتتح النساء ثم افتتح آل عمران.
وقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم الحزب ولم يقيده بقدر فقال:
( من نام عن حزبه أو عن شئ منه
فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل )
كانت تختلف مسالكهم في هذا الباب
فمنهم من كان يختم في ليلة ومنهم في ثلاث و منهم في سبع
ومنهم في عشر ومنهم في شهر ومنهم في شهرين.
ولكن لا بأس للإنسان أن يحدد ورده من باب التنظيم والاجتهاد في الختم
وإن نشط في بعض الليالي طول القراءة وإن كسل قصرها
كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل والأمر في ذلك واسع
لكن لا يشرع له أن يعتقد أفضلية لقدر معين من الآيات وينسب ذلك للسنة.
واستحب بعض الفقهاء لمن ختم القرآن
أن يقرأ الفاتحة وأول البقرة إلى قوله:
{ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
ويجعل ذلك ختام قراءته لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:
( أن رجلاً قال يا رسول الله أي الأعمال أفضل
قال: الحال المرتحل قال: يا رسول الله وما الحال المرتحل
قال يضرب من أول القرآن إلى آخره ومن آخره إلى أوله ) .
[ رواه الترمذي واستغربه ] .
لكن هذا الخبر لا يصح فلا يعمل به
فعلى هذا لا يستحب ذلك على الصحيح والعمل على تركه.
استحب الفقهاء أن يدعو بعد ذلك ويجمع أهله على ذلك
إن تيسر لأن الدعاء يرجى قبوله بعد الفراغ من العمل الصالح
ولأنه ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه :
( أنه كان إذا ختم القرآن جمع ولده وأهل بيته فدعا لهم ) .
وعن مجاهد قال : كانوا يجتمعون عند ختم القرآن
يقولون : إن الرحمة تنزل عند القرآن
وعن ابن عباس رضي الله عنهما :
( أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن،
فإذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس رضي الله عنهما فيشهد ذلك ) .
ولا يشرع الاجتماع عند الختمة وصنع الطعام
لذلك وتوزيعه قصد الثواب للحي أو الميت يوم الخميس أو غيره
بل ذلك من البدع والمحدثات التي ليس لها أصل في الشرع بهذه الكيفية.
ولا يسن تخصيص الصوم ليوم الختمة أو عبادة أخرى
واعتقاد أن ذلك له مزية في الشرع.
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
في الله أخوكم / مصطفى الحمد