{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّيمَغْلُوبٌفَانتَصِرْ }
{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّيمَغْلُوبٌفَانتَصِرْ }
والدعوة دعوتك . وقد انتهى دوري !
وما تكاد هذه الكلمات تقال ; وما يكاد الرسول يسلمالأمر لصاحبه الجليل القهار
حتى تشير اليد القادرة القاهرة إلى عجلة الكونالهائلة الساحقة
. فتدور دورتها المدوية المجلجلة:
}فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ ((11
وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) {
وهي حركة كونية ضخمة غامرة تصورها ألفاظ وعباراتمختارة
تبدأ بإسناد الفعل إلى الله مباشرة:
فيحس القارئ يد الجبار تفتحأبواب السماء. . بهذا اللفظ وبهذا الجمع
غزير متوال . وبالقوةذاتها وبالحركة نفسها:
{ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً }
وهو تعبير يرسم مشهد التفجر وكأنهينبثق
من الأرض كلها , وكأنما الأرض كلها قد استحالت عيونا .
والتقى الماء المنهمر من السماء بالماء المتفجر منالأرض
التقيا على أمر مقدر , فهما على اتفاق
لتنفيذ هذاالأمر المقدر . طائعان للأمر , محققان للقدر .
حتى إذا صار طوفانا يطم ويعم , ويغمر وجه الأرض , ويطوي الدنس
الذي يغشى هذا الوجه . وقد يئس الرسول من تطهيره , وغلب على أمره فيعلاجه
امتدت اليد القوية الرحيمة إلى الرسول الذي دعا دعوته
فتحرك لها الكونكله . امتدت له هذه اليد بالنجاة وبالتكريم:
} وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءلِّمَن كَانَ كُفِرَ(14){
وظاهر من العبارة تفخيم السفينة وتعظيم أمرها . فهيذات ألواح ودسر .
توصف ولا تذكر لفخامتها وقيمتها . وهي تجري في رعاية الله بملاحظةأعينه
{ جَزَاءلِّمَن كَانَ كُفِرَ }
وجحد وازدجر وهو جزاء يمسح بالرعاية
على الجفاء , وبالتكريم على الاستهزاء ويصور مدى القوة التي يملك
رصيدها من يغلب في سبيل اللهومن يبذل طاقته , ثم يعود إليه يسلم
إن قوى الكون الهائلة كلها في خدمته وفي نصرته
والله من ورائها بجبروته وقدرته .
وعلى مشهد الانتصار الهائل الكامل ; والمحق الحاسمالشامل
يتوجه إلى القلوب التي شهدت المشهد كأنها تراه
يتوجه إليها بلمسةالتعقيب , لعلها تتأثر وتستجيب:
}وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ {
هذه الواقعة بملابساتها المعروفة . تركناها آيةللأجيال
ثم سؤال لإيقاظ القلوب إلى هول العذاب وصدقالنذير:
}فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16){