الموضوع: أصول الإيمان
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-05-2013, 10:10 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

فَتَبَيَّنَ لَكَ يا طَالِبَ الْحَقِّ
أَنَّ كَلامَ اللهِ الَّذي هُوَ صِفَتُهُ لَيْسَ كَكَلامِ الْعَالَمِينَ
إِنَّمَا هُوَ كَلامٌ وَاحِدٌ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ لا يُوصَفُ بِأَنَّهُ لُغَةٌ أَوْ حَرْفٌ أَوْ صَوْتٌ
وَأَنَّ الْقُرْءَانَ الْكَرِيمَ وَسَائِرَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلى الأَنْبِيَاءِ
هِيَ عِبَارَاتٌ عَنْ ذَلِكَ الْكَلامِ وَتَبَيَّنَ لَكَ أَنَّهُ لا يَجُوزُ
أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللهَ قَرَأَ الْقُرْءانَ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا يَقْرَأُ الأُسْتَاذُ عَلى التَّلْمِيذِ
إِنَّمَا الَّذي قَرَأَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِما السَّلامُ
وَتَبَيَّنَ لَكَ أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى اللهُ نَاطِقًا إِنَّمَا يُسَمَّى مُتَكَلِّمًا
فَلَوْ كَانَ اللهُ نَاطِقًا بِالْقُرْءَانِ كَنُطْقِ الْخَلْقِ كَمَا يَعْتَقِدُ الْمُشَبِّهَةُ
لِكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَامَتْ بِهِ صِفَةٌ حَادِثَةٌ أَيْ مَخْلُوقَةٌ
وَقِيامُ الصِّفَةِ الْمَخْلُوقَةِ في شَىْءٍ دَلِيلٌ عَلى تَغَيُّرِهِ
وَأَقْوى عَلامَاتِ الْحُدُوثِ التَّغَيُّرُ وَلا يَقُولُ عَاقِلٌ مُؤْمِنٌ انَّ اللهَ مُتَغَيِّرٌ
قالَ اللهُ تعالى
{ وللهِ الْمَثَلُ الأَعْلى }
[ النحل : 60 ]
أَيْ للهِ الوَصْفُ الَّذِي لا يُشْبِهُ وَصْفَ غَيْرِهِ
ثُمَّ إِنَّ اللهَ تبارَكَ وَتعالى أَخْبَرَ في الْقُرْءانِ
أَنَّهُ يَخْلُقُ الأَشْيَاءَ بِكَلامِهِ تعالى الأَزَلِيِّ الأَبَدِيِّ كُلُّ مَا خَلَقَ اللهُ وَمَا سَيَخْلُقُهُ
مَا أَوْجَدَهُ وَمَا سَيُوجِدُهُ وُجُودُهُ بِكَلامِ اللهِ تعالى هَذَا مَعْنَى
{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا إِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُون }
[ سورة يس : 82 ]
مَعْنَى الآيَةِ أَنَّ الشَّىْءَ الَّذِي أَرَادَ اللهُ وُجُودَهُ يَخْلُقُهُ بِكَلامِهِ الأَزَلِيِّ
الْمُعَبَّرِ عَنْهُ في الْقُرْءَانِ بِـ { كُن } لَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَنْطِقُ بِالْكَافِ وَالنُّونِ
النُّطْقُ بِالْكَافِ وَالنُّونِ مِنْ صِفَاتِنَا ثُمَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ اللهَ يَخْلُقُ الأَشْيَاءَ بِالْكَافِ
وَالنُّونِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَخْلُقُ الأَشْيَاءَ بَعْدَ النُّطْقِ بِالْكَافِ وَالنُّونِ وَهَذَا مُسْتَحِيلٌ.
لأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ الْحُدُوثِ للهِ لأَنَّهُ جَعَلَ اللهَ نَاطِقًا وَهَذَا مِنْ صِفَاتِ الْخَلْقِ
إِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ يَخْلُقُ الأَشْيَاءَ الَّتي أَرَادَ وُجُودَهَا بِالْكَلامِ الأَزَلِيِّ
الّذي لَيْسَ حَرْفًا وَلا صَوْتًا هَذَا مَعْنَى الآيَةِ
{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُون }
[ سورة يس : 82 ]
وَأمَّا مَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ (سُبْحَانَ مَنْ أَمْرُهُ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّون)
فَهُوَ كَلامٌ فَاسِدٌ لا هُوَ قُرْءانٌ وَلا حَدِيثٌ وَلا هُوَ كَلامُ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَبَيْنَهُمَا اخْتِلافٌ الآيَةُ ظَاهِرُهَا وَهُوَ لَيْسَ الْمَقْصُودَ أنَّهُ بَعْدَ كُنْ يَخْلُقُ الشَّىْءَ
وَأَمَّا هَذَا الْقَوْلُ
فَمَعْنَاهُ يُخْلَقُ الشَّىْءَ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ مَعَ ظَاهِرِ الآيَةِ.
الآيَةُ تُقْرَأُ كَمَا جَاءَتْ وَلا تُفَسَّرُ عَلَى الظَّاهِرِ
أَمَّا ذَلِكَ الْكَلامُ الَّذي لا يُعْرَفُ مَصْدَرُهُ
فَلا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بَعْضُ الآياتِ الْقُرْءانِيَّةِ مَنْ يَحْمِلُهَا عَلى الظَّاهِرِ يَهْلِكُ.
اللهُ تعالى لِيَمْتَحِنَ عِبَادَهُ أَيْ لِيَبْتَلِيَهُمْ أَنْزَلَ ءاياتٍ مَنِ اعْتَقَدَ ظَاهِرَهَا ضَلَّ وَهَلَكَ
وَللهِ أَنْ يَمْتَحِنَ عِبَادَهُ بِمَا شَاءَ وَقَدْ أَخْبَرَنَا في الْقُرْءانِ
بِأَنَّ بَعْضَ الْقُرْءَانِ يُضِلُّ بِهِ بَعْضَ النَّاسِ وَيَهْدِي بِهِ بَعْضًا
وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تعالى
{ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا }
[ البقرة : 26 ]
قال تعالى
{ لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ }
[ الأنعام : 103 ]
وَالآيَةُ مَعْنَاهَا لا تَصِلُ إِلَيْهِ تَصَوُّرَاتُ الْعِبَادِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَفْسِيرِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
لِقَوْلِهِ تعالى
{ وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى }
[ سورة النجم : 42 ]
قَالَ
[ إِلَيْهِ يَنْتَهِي فِكْرُ مَنْ تَفَكَّرَ فَلا تَصِلُّ إِلَيْهِ أَفْكَارُ الْعِبَادُ ] اهـ
لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا يُتَصَوَّرُ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ
[ إِنَّ الَّذي يَجِبُ عَلَيْنَا وَعَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْلَمَهُ
أَنَّ رَبَّنَا لَيْسَ بِذِي هَيْئَةٍ وَلا صُورَةٍ
لأَنَّ الصُّورَةَ تَقْتَضِي الْكَيفِيَّةَ وَهِيَ عَنِ اللهِ وَعَنْ صِفَاتِهِ مَنْفِيَّةٌ]
هَذِهِ عَقِيدَةُ الْمُسْلِمينَ الَّتي تُفْهَمُ
مِنْ قَوْلِ اللهِ تعالى
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء ٌ}
[ الشورى : 11 ]
مَنِ اعْتَقَدَهَا نَجا وَمَنِ اعْتَقَدَ خِلافَهَا ضَلَّ وَهَلَكَ.
خادم الإسلام
الفقير إلي الله عبد العزيز

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس