لا ريب أن الاعتكاف في المسجد قربة من القرب ،
{ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ }
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ،
وترك ذلك مرة فاعتكف في شوال ، والمقصود من ذلك :
هو التفرغ للعبادة والخلوة بالله لذلك، وهذه هي الخلوة الشرعية .
وقال بعضهم في تعريف الاعتكاف :
هو قطع العلائق عن كل الخلائق للاتصال بخدمة الخالق ،
والمقصود من ذلك قطع العلائق الشاغلة عن طاعة الله وعبادته ،
وهو مشروع في رمضان وغيره كما تقدم ، ومع الصيام أفضل ،
وإن اعتكف من غير صوم فلا بأس على الصحيح من قولي العلماء ؛
لما ثبت في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه قال :
( يا رسول الله إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك )
ومعلوم أن الليل ليس محلا للصوم ، وإنما محله النهار ،
ولا بأس بالنوم والأكل في المسجد للمعتكف وغيره ؛
لأحاديث وآثار وردت في ذلك ، ولما ثبت من حال أهل الصفة ،
مع مراعاة الحرص على نظافة المسجد
والحذر من أسباب توسيخه من فضول الطعام أو غيرها ؛
لما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( عرضت علي أجور أمتي ، حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد )
والترمذي وصححه ابن خزيمة ، ولحديث عائشة رضي الله عنها :
( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد في الدور
[ رواه الخمسة إلا النسائي وسنده جيد ]
والدور: هي الحارات والقبائل القاطنة في المدن .
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل به ،
وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا إنه سميع قريب .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .