لو أن الإنسان عرف أجله لانتهى العمل كله،
لأنّ من المستحيل أن يتحرك الإنسان حركة وهو يعلم نتائجها.
أخواننا الكرام أدق ما في الأمر الآية الكريمة:
{ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
والله آية محيرة، يا رب الموت بيدنا حتى تأمرنا ألّا نموت إلا ونحن مسلمون
الموت بيدك يا رب لا بيدنا، فما معنى هذه الآية ؟
يعني لا يأتيكم الموت إلا وأنتم مسلمون.
ومرة ضُرب مثلٌ مضحك، أن شركة طيران السفر إلى أمريكا
و ثمن البطاقة إلى أمريكا خمس مائة ألف، فإن لم تسافر تخسر قيمتها
افتراضاً، والشركة هي التي تأخذك من البيت،
ولا تقف على الباب إلا دقيقة واحدة وموعد مجيئها من الساعة الثامنة
صباحاً حتى الثامنة مساءً، فماذا تفعل ؟
خمسة مائة ألف لن ترد لك، وهم يقفون على الباب دقيقة واحدة
فأنا أعتقد أننا لو عرضنا الأمر على ألف شخص،
سيقف الألف شخص وراء الباب مع المحفظة والحقيبة
من الساعة الثامنة صباحاً.
{ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
إذاً فالموت لا تعلم موعده، فيجب أن تكون جاهزاً لاستقباله
جاهزاً بالتوبة والصلح مع الله، وأداء الحقوق،
وأداء كل ما عليك من التزامات حتى إذا جاء ملك الموت تكون جاهزاً
العامة تقول: تؤلف ولا تؤلفان، على أنه حديث نبوي،
هذا الكلام لا أصل له إطلاقاً كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
( ومن كذب علي متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار )
فغيب يعلمه الله و يُعلمه لرسوله، هذا شيء آخر
تأييداً للأنبياء وتصديقاً لما جاؤوا به، يعني يأتي إنسان و يَدّعي قائلاً:
" أنا رسول الله " شيء جميل، فهل نحن ملزمون أن نصدق كل إنسان
لا. فالذي يقول: أنا رسول الله، لا بد من أن يأتي بشيء لا يستطيع
أن يفعله أحد، فإن فعله الرسول كان مؤيداً من الله ولذلك من لوازم الرسول
أن تكون معه معجزةفمن معجزات الرسل أنهم يعلمون الغيب
الذي سمح الله لهم به أن يعلموه فقط،
{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ
فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً }
فهذا الغيب أيها الإخوة أنواع ثلاثة
وغيب المستقبل بعدان زمانيان
فمن غيب الماضي مثلاً قال تعالى:
{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ
أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ }
من أين جئت بهذه الأخبار ؟
لولا أنك رسول يوحى إليك لما جئت بهذه الأخبار، هذا غيب الماضي
أما غيب المستقبل قال تعالى:
فعلاً بعد سبع سنوات انتصر الروم على الفرس
هذا من غيب المستقبل وهناك آيات كثيرة جداً، وهناك أحاديث كثيرة جداً
والحديث عن علامات الساعة الكبرى من هذا القبيل غيب
أطلع الله نبيه عليه تأييداً له ودعماً له في صدق دعوته
{ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ }
الطائرة دخلت في مفهوم الآية، والمركبة الفضائية دخلت في الآية
والمركبة والقطار دخلا كذلك، أما غيب الحاضر بعد مكاني
{ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ }
ومرة أخرى كان النبي عند اليهود في موضوع معين
فائتمروا عليه وهو عندهم أن يصعد أحدهم إلى ظهر البيت الذي يجلس
في ظله ويلقي عليه صخرةً ويقتله، فجاءه الوحي وأخبره
فقام النبي وقام أصحابه وفسدت خطتهم.
هناك غيب الحاضر وغيب الماضي وغيب المستقبل
يوجد عندنا غيب آخر يسمى غيباً، مجازاً، يعني في السماء الآن تهب رياح
تستمع إلى النشرة الجوية إلى أن هناك موجة حر آتية من المنطقة الشمالية
ترتفع الحرارة فوق معدلها وتهب رياح حارة، و في الشتاء: رياح باردة
و غداً مثلاً تكون الحرارة دون معدلها فكيف علموا الغيب ؟
هذا مرتفع أو منخفض مرصود في أوربا مثلاً،
أوضح من ذلك أخبار المنخفض الجوي
يقولون: منخفض جوي متمركز فوق أوربا سرعته ثلاث مائة كيلو متر
بيننا وبين أوربا ثلاثة آلاف كيلو متر تحسب المسافة وتقسم على السرعة
يقولون بعد ثلاثة أيام سيكون عندنا منخفض جوي،
ومعه أمطار غزيرة هذا العلم يسمى علم غيب مجازاً لكن هناك
وسائل تكشفه، كذلك الجنين في بطن الأم يأخذ الأطباء السائل الأمينوسي
و بالتحليل يُعرف الجنين أهو ذكر أو أنثى،
أو بالتصويرفهذا الذي يتوهمه العوام غيباً ليس غيباً، هو حاضر.
يقولون: هناك منخفض متمركز فوق أوربا و لديهم اتصالات سريعة جداً
فبحساب المسافة والسرعة والاتجاه نحكم على وجود أمطار بعد أربعة أيام
فهذا يسميه الناس غيباً مجازاً وهو ليس بغيب إنما هو غيب الواقع
والله سمح به كل شيء سمح الله به لم يعد غيباً
{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ
لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}
