قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ التَّسْوِيَةَ
بَيْنَ الْوَلَدِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ : يُسَوِّي بَيْنَ الْوَلَدِ حَتَّى فِي الْقُبْلَةِ )
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ مُسْتَحَبَّةٌ ، فَإِنْ فَضَّلَ
بَعْضًا صَحَّ وَكُرِهَ وَاسْتُحِبَّتِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى التَّسْوِيَةِ ، أَوْ الرُّجُوعُ
فَحَمَلُوا الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ ، وَالنَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ
وَتَمَسَّكَ بِهِ يَعْنِي : بِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَنْ أَوْجَبَ التَّسْوِيَةَ
فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ ، وبِهِ صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ
وهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَالثَّوْرِيِّ ، وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ، وقَالَ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ
ثُمَّ الْمَشْهُورُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ ، وعَنْ أَحْمَدَ تَصِحُّ ، ويَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ
وعَنْهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ إِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ كَأَنْ يَحْتَاجَ الْوَلَدَ لِأَمَانَتِهِ وَدِينِهِ
أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ دُونَ الْبَاقِينَ
وقَالَ أَبُو يُوسُفَ : تَجِبُ التَّسْوِيَةُ إِنْ قُصِدَ بِالتَّفْضِيلِ الْإِصْرَارُ
قَالَ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ أَوْجَبَهُ أَنَّهُ مُقَدِّمَةُ الْوَاجِبِ ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الرَّحِمِ وَالْعُقُوقَ مُحَرَّمَانِ
فَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا يَكُونُ مُحَرَّمًا ، وَالتَّفْضِيلُ بِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا . انْتَهَى
( وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُسَوِّي بَيْنَ وَلَدِهِ فِي النَّحْلِ وَالْعَطِيَّةِ
الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ ، وهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ إِلَخْ )
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ التَّسْوِيَةِ
فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ، وَالْمَالِكِيَّةِ :
الْعَدْلُ أَنْ يُعْطِيَ الذَّكَرَ حَظَّيْنِ كَالْمِيرَاثِ ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ حَظُّهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ
لَوْ أَبْقَاهُ الْوَاهِبُ فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ
وَقَالَ غَيْرُهُمْ : لَا فَرَّقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ، وَظَاهِرُ الْأَمْرِ بِالتَّسْوِيَةِ يَشْهَدُ
لَهُمْ وَاسْتَأْنَسُوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ : سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ
فَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلًا أَحَدًا لَفَضَّلْتُ النِّسَاءَ ، أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وإِسْنَادُهُ حَسَنٌ .