وفي هذا الآية يتبين لنا من هذه الصورة الخاصة (الْعُلَمَـؤُا)
وهي التي لا تأتي إلا في محل رفع دقة وعظمة القرآن
للرد على هؤلاء الذين يقولون إن العلماء مفعول به أي في محل نصب .
3 - الإعجاز في الوصل والفصل
وردت كلمة (فَإِنْ) بشكلها العادة مرات عديدة موزعة
على آيات القرآن الكريم ..
غير أنه حينما تعرض القرآن الكريم لذكر موت الرسول
صلى الله عليه وسلم فقد خصه بكلمة (أَفَإِينْ) بشكلها غير العادي
حيث أنها زادت حرف ( الياء ).
و ذلك ليلفت النظر إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم
سيموت مثل البشر جميعاً...
وعلى المسلمين ألا ينقلبوا على أعقابهم بعد موته...
وألا يصيبهم ذلك الحدث بالذهول وعدم الاتزان ...
وإنما يتماسكوا ويعلموا أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل لأحد من قبله الخلد ..
وقد كان موقف سيدنا أبي بكر الصديق عظيماً
حيث ذكر هذه الآية الكريمة التي أعادت للناس رشدهم
والتي احتوت كلمة (أَفَإِينْ) بشكلها غير العادي،
كذلك احتوت آية كريمة أخرى هذه الكلمة بشكلها غير العادي
وكانت خاصة أيضاً بموت الرسول صلى الله عليه وسلم .
علماً بأنه لم يرد في القرآن كله هذا الشكل غير العادي لهذه الكلمة
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ }
و فيما يلي أمثلة لكلمة (إن) وملحقاتها
والتي وردت في القرآن كلمة بدون (الياء):
- { وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ }
- { فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ }
- { فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ }
في سورة يس.. وردت ألم يروا في الآية 31 :
- { أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ}
وهي تعني (ألم تعلموا بالدليل والحجة) وهي تقع موقع الرؤية، والشهادة..
فالدليل والحجة يكون في أحيان كثيرة أقوى من الرؤية البصرية..
وتبين هذه الآية الكريمة قدرة الله على إهلاك القرون الأولى ..
كما تبين أن الحدث كان في الماضي فقط .
أما حينما يذكر الله سبحانه وتعالى قدرته على الخلق والإنشاء
فإن الأمر يختلف في استخدام التعبير لأنه في مقياسنا البناء أصعب من الدم،
كذلك فإن الخلق متجدد، والحدث يقع في الماضي والحاضر والمستقبل،
لذا فقد استخدم القرآن الكريم كلمة (أَوَلَمْ يَرَوْا) بزيادة حرف (و)
ليدل على زيادة المعنى وعظمته
وذلك في الآية الكريمة رقم 71 من نفس السورة :
- { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}