- فالآية الكريمة تتحدث عن مرحلة مبكرة من عمر الكون
في بدء الخلق، عندما كان الغاز الحار يملأ الكون،
وهذا ما نجده في قوله تعالى:
{ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ }
- لقد عبرت الآية أيضاً عن حقيقة الكون وقتها بكلمة واحدة هي:
{ دُخَانٌ }، وهذه الكلمة تعبر تعبيراً دقيقاً عن حقيقة تلك المرحلة
من عمر الكون واختصرت الجمل الكثيرة التي يطلقها العلماء
للتعبير عن تلك المرحلة بكلمة واحدة فقط.
وهذا إعجاز مذهل للقرآن الكريم في دقة كلماته وتوافقها مع العلم الحديث
- تحدث القرآن عن قول السماء في ذلك الوقت وطاعتها لخالقها،
وقد يستغرب البعض من هذا الأمر،
ولكن الأبحاث والاكتشافات الجديدة
أثبتت إمكانية إصدار الأمواج الصوتية من الكون في مرحلة الدخان أو الغاز.
- لقد حددت الآية المرحلة التي تكلمت فيها السماء،
وهي مرحلة الدخان، وهذا ما اكتشفه العلماء اليوم.
فهم وجدوا بأن الكون في مرحلة الغاز الحار والغبار أصدر موجات صوتية
- المنحنيات البيانية التي رسمتها أجهزة الكومبيوتر لكلام الكون
جاءت متناسبة مع قوله تعالى:
فهذه المنحنيات لم يظهر فيها أية نتوءات حادة أو عنف أو تمرد،
بل كما أكد العلماء كان صوت الكون هادئاً وشبهوه بصوت الطفل الرضيع!
إن المرحلة التالية للدخان (أو الغاز الحار والغبار)
كانت تشكل النجوم اللامعة أو الكوازارات،
وعندما درسوا هذه النجوم وجدوها تعمل عمل المصابيح فهي تكشف
وتنير الطريق الواصل إلينا ويمكن بواسطتها رؤية الأجسام المحيطة بها.
هنا يتمثل في السبق العلمي للقرآن في تسمية هذه النجوم بالمصابيح،
بما يتطابق مئة بالمئة مع ما يراه العلماء اليوم.
فيتمثل في أن القرآن حدد المرحلة الزمنية التي تشكلت فيها هذه النجوم
وهي المرحلة التالية لمرحلة الدخان.
- إننا نجد في قول الله تعالى:
{ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ }
حديثاً عن زينة السماء بالنجوم البراقة، وهذا ما يتحدث عنه العلماء اليوم.
فهم يشبهون هذه النجوم والمجرات والتي تشكل النسيج الكوني
باللآلئ التي تزين السماء !!
وهذا سبق علمي للقرآن في استخدام التعابير الدقيقة
والمتوافقة مع الواقع (9) .
لوجدنا بأن الخطاب فيه موجه للكفار الذين لا يؤمنون بالخالق تبارك وتعالى:
{ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا
ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا
وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ *
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا
قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ
وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ
وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم }
[ فصلت : 9 – 12 ] .ِ
وهذا يشير إلى أن هؤلاء الملحدين هم من سيكتشف هذه الحقائق الكونية،
وهذا سبق علمي للقرآن في تحديد من سيرى هذه الحقائق،
في هذه الوجوه المتعددة ردّ على دعوى
أولئك الذين يهاجمون الإعجاز العلمي لكتاب الله تعالى،
وردّ على كل من يعتقد بأن المسلمين ما داموا متخلفين علمياً وتقنياً،
فلا يجب عليهم أن يبحثوا في الإعجاز العلمي!
وردّ على من يقول بأن المسلمين ينتظرون دائماً الغرب الملحد
ليقدم لهم الحقائق والاكتشافات العلمية، ثم ينسبوا هذه الاكتشافات للقرآن.
ففي اكتشافات الغرب لهذه الحقائق وحديث القرآن عنها بدقة مذهلة
وخطاب القرآن لهؤلاء الملحدين،
في كل ذلك أكبر دليل على صدق كتاب الله تعالى، وأنه كتاب حقّ.
ولو كان هذه القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم،
لنسبَ هذه الاكتشافات لنفسه،
لماذا ينسبها لأعدائه من الملحدين ويخاطبهم بها؟؟
لا نملك إلا أن نسجد خشوعاً أمام عظمة كتاب الله تعالى وأمام عظمة
إعجازه، ولا نملك إلا أن نردّد
{ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
