قال ابن القيم-رحمه الله-:
"جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين تقوى الله وحسن الخلق؛
لأن تقوى الله تصلح ما بين العبد وبين ربه, وحسن الخلق يصلح مابينه
وبين خلقه. فتقوى الله توجب له محبة الله, وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته".
وقد ضمن النبي صلى الله عليه وسلم لمن حسن خلقه سكنى أعالي الجنان؛
( وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه )
كما أن التحلي بحسن الخلق هو سبيل إلى تحقيق التقوى، ولذلك فقد
أوصى النبي –صلى الله عليه وسلم- بذلك؛ كما في وصيته
"هذه من خصال التقوى، ولا تتم التقوى إلا به -أي مخالقة الناس بالخلق
الحسن-، وإنما أفردها بالذكر للحاجة إلى بيانه؛ فإن كثيراً من الناس يظن
أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عباده، فنصله على الأمر
بإحسان العشرة للناس، فإنه كان قد بعثه إلى اليمن معلماً لهم ومفهماً
وقاضياً، ومن كان كذلك فإنه يحتاج إلى مخالقة الناس بخلق حسن
مالا يحتاج إليه غيره ممن لا حاجة للناس به ولا يخالطهم،
وكثيراً ما يغلب على من يعتني بالقيام بحقوق الله، والانعكاف على محبته
وخشيته وطاعته إهمال حقوق العباد بالكلية أو التقصير فيها،
والجمع بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيزٌ جداً
لا يقوى عليه إلا الكُمَّلُ من الأنبياء والصديقين".
وصاحب الخلق الحسن مع الإيمان هو من خير الناس
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال:
قلنا : يا نبي الله من خير الناس ؟
( ذو القلب المخموم ،واللسان الصادق )
قال : يا نبي الله : قد عرفنا اللسان الصادق فما القلب المخموم ؟
( التقي النقي الذي لا إثم فيه ، ولا بغي ، ولا حسد)
قال : قلنا يا رسول الله ، فمن على أثره ؟
( الذي يشنأ الدنيا ، ويحب الآخرة )
قلنا ما نعرف هذا فينا إلا رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلنا : أما هذه ففينا.كما أن التحلي بالخلق الحسن مما يقرب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
( إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً
يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً )
ولأن حسن الخلق يجمع خلال الخير فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم
يكثر فيدعائه من سؤال الله الهداية لأحسن الأخلاق، كما جاء في الحديث
الذي أخرجه مسلم عن علي بن أبي طالب عن رسول الله أنه كان إذا قام
) واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت
واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت (
ويكون حسن الخلق ببذل السلام، وكف الأذى، وطلاقة الوجه،
وسعة الصدر، وكظم الغيظ، والعفو عمن ظلمك، ووصل من قطعك،
وغير ذلك من الخصال الحميدة،
فعن عبد الله بن المبارك ــ رحمه الله ــ قال:
هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى
وسئل سلام بن أبي مطيع عن حسن الخلق فأنشد:
تـــراه إذا مـــا جـئـتـهم تـهـلـلاً كأنـك تعطيـه الـذي أنـت سائلـه
ولو لم يكن في كفه غيـر روحـه لـجـاد بـهـا فلـيـتـق الله سـائـلـه
هو البحر من أيِّ النواحي أتيتـه فلُجّته المعروف والجود ساحله
نسأل الله تعالى أن يهدينا لأحسن الأخلاق وأن يزيننا بزينة الإيمان
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد