أما المجتمع بشكل عام، فدوره في صنع تلك الآثار
الإيجابية للترويح يتحقق من خلال إيجاد المناخ الترويحي السليم، بتهيئة
وسائل الترويح الإيجابية المتمشية مع نظم المجتمع وقواعده،
وإيجاد الأماكن الترويحية المأمونة التي تعمل على جذب أفراد المجتمع
لها، وكل ذلك يتأتى بمراعاة الضوابط الشرعية عند تهيئة تلك الوسائل
الترويحية والأماكن الخاصة بها، أو حين استجلاب أينوع مستحدث
العوامل المؤدية إلى التباين في ممارسة الترويح:
تختلف الأنشطة الترويحية التي يمارسها الأفراد بتأثير من متغيرات عدة،
كما أن دوافع ممارسة الترويح وأسبابه تختلف من فرد إلى آخر،
وأبرز تلك العوامل المسببة لذلك التباين ما يلي:
تختلف الأنشطة الترويحية باختلاف النوع ، فالذكر له أنشطة ترويحية
تناسبه، كما أن للأنثى، أنشطة أخرى تناسبها، فالذكور يميلون
إلى الأنشطة ذات الطابع البدني التنافسي، في حين تقبل الإناث على
النشاطات الترويحية الهادئة التي تمارس غالبًا في المنزل
أو مع الصديقات. ومنشأ هذا التباين في الأنشطة الترويحية طبيعة
كل منهما، ويظهر هذا الاختلاف بشكل جلي وواضح في المجتمعات
المسلمة التي تراعي ذلك الأمر.
يؤثر العمر في تحديد نوع النشاط الترويحي، فالأطفال لهم أنشطتهم
الخاصة، وفي الغالب أنها ذات طابع حركي مستمر ومتواصل، في حين
تكثر الأنشطة الثقافية والقراءة والرحلات بين البالغين، بينما تمتاز
أنشطة فئة الشباب بالتنوع، إلا أن الجانب الرياضي والرحلات
يتدخل المستوى التعليمي بشكل كبير في تحديد النشاط الترويحي
الذي يمارسه الأفراد خلال أوقات فراغهم، فالقرءاة مثلاً سنجدها تكثر
بين ذوي المستويات التعليمية المرتفعة.
د- المستوى الاقتصادي للأفراد:
يؤثر هذا العامل من خلال القدرة على تهيئة وتوفير الوسائل والأدوات
التي من خلالها يمارس الفرد الأنشطة الترويحية، فالرحلات الخارجية
والسفر والسياحة قد لاتتحقق لأصحاب الدخول المنخفضة.
وهذا العامل يؤثربشكل كبير وأساس في تحديد نوعية النشاط الترويحي،
إذ هناك من الناس من ينصرف عن ممارسة نشاط معين لأنه يحتاج
إلى وقت فراغ كبير قد لا يتوفر له.
و- مكان الترويح ونوعية المشاركين:
إذ غالبًا ما يتأثر الفرد بمن حوله ويندمج معهم في ممارسة النشاط
الترويحي لمجرد أنه يشاهد غيره يمارسه.
ز- المستوى الاقتصادي والمادي للمجتمع:
لكل مرحلة من مراحل نمو المجتمع الاقتصادية ما يناسبها من الأنشطة
الترويحية، فإن كان المجتمع يمر بمرحلة تدهور اقتصادي فهذا الوضع
الاقتصادي المتردي سيجعله يمارس أنشطة ترويحية تختلف عن الأنشطة
الترويحية التي سيمارسها حين ظهور تحسن اقتصادي ورخاء مادي،
فمقدار الدخل السنوي للأفراد، ومستوى المعيشة للمجتمع بشكل عام،
له أثره في بروز أنشطة ترويحية والتركيز عليها دون غيرها.
حـ- خصوصية المجتمع العقدية والثقافية:
إن طبيعة المجتمع وخصائصه العقدية والثقافية التي تميزه
عن المجتمعات الأخرى، لها دور كبير ومهم في تحديد نوعية الأنشطة
الترويحية التي يمارسها أفراده، ولا يمكن إغفال دورها في ظهـور
أنشطـة ترويحية تتـناسب وطبيـعة ذلك المجتــمع، كما تؤدي
هذه الخصوصية للمجتمع إلى اختفاء أنشطة ترويحية أخرى،
وسيرد الحديث مفصلاً عن هذا الجانب المهم في مبحث مستقل بإذن الله تعالـى.
