وبيَّن سبحانه أنهم لسقوط همتهم قعدوا عن الجهاد
}وَلَوْأَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللّهُانبِعَاثَهُمْ
فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ{
وشنع عز وجل على الذين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة، ويجعلونها
أكبرهممهم، وغاية علمهم، باعتبار هذا الإيثار من أسوأ مظاهر
خسة الهمة وبين أنهذا الركون إلى الدنيا تسفل
} يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِيسَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ
إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِالدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
فِيالآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ {
ثناؤه على أصحاب الهمم العالية
وأثنى الله تعالى على أصحاب الهمم العالية، وفي طليعتهم الأنبياء
والمرسلون عليهم الصلاة والسلام وفي مقدمتهم أولو العزم من الرسل،
وعلىرأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم:
}فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ{
وقد تجلت همتهم العالية في مثابرتهم وجهادهم ودعوتهم إلى الله عز وجل
كماذكره الله عز وجل في قصص الأنبياء لنوح وإبراهيم
وموسى وعيسى ومحمد صلواتالله وسلامه عليهم أجمعين.
ولقد ذكر الله تعالى أوليائه الذين كبرت همتهم بوصف الرجال في مواطن
البأسوالجلد والعزيمة والثبات على الطاعة والقوة في دين الله
} فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ {
} فِيبُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُلَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ
رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌوَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ
وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءالزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُوَالْأَبْصَارُ {
}مِنَالْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ
فَمِنْهُممَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا {
ولقد أمر الله تعالى المؤمنين بالهمة العالية والتنافس في الخيرات
} سَابِقُواإِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءوَالْأَرْضِ
أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَفَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ{
}وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ{
} فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ {
}فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ {
} لاَّيَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ
وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ
فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَىالْقَاعِدِينَ دَرَجَةً
وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَاللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا{
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من العجز والكسل
( إن الله تعالى يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها )
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن أكمل حالات المؤمن ألا يكون
له هم إلا الاستعداد للآخرة
وعامة نصوص الترغيب والترهيب في الوحيين الشريفين إنما ترمي
إلى توليد قوةدافعة تحرك قلب المؤمن، وتوجهه إلى إقامة الطاعات،
وتجنب المعاصيوالمخالفات، وإلى بعث الهمة وتحريكها، واستحثاثها
للتنافس في الخيرات.
قال صلى الله عليه وسلم
( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة
وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة )
ونكمل حديثنا عن هذه الصفة الكريمة والخلق النبيل في مقال قادم بإذن الله
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد والحمد لله رب العالمين.