وعن أوس بن أوس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم
- 3 التبكير في قراءة القرآن العظيم وحفظه:
قال –تعالى
}وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا {
سورة الإسراء (78)
وقال –تعالى
}وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{
سورة القمر (17)
قال ابن سعدي -رحمه الله-:
( وقرآن الفجر)
أي صلاة الفجر،وسميت قرآناً لمشروعية إطالة القرآن فيها أطول
من غيرها، ولفضل القراءةفيها، حيث شهدها الله وملائكة الليل والنهار.
وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
)تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمدٍ بيده
لهو أشد تفلّتاً من الإبل في عقلها(
(البخاريومسلم)
وأفضل مراجعة ومعاهدة للقرآن في الأوقات التي يسودها الهدوءوالراحة التامة
وأجلُّ ذلك في الأسحار إلى أول النهار، وهو البكور الذيذكره
النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم
( من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه
ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب الله له كأنما قرأه من الليل )
(مسلم(
- 4التبكير والحرص والمواظبة على أذكار اليوم والليلة:
قال -تعالى-:
{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }
سورة البقرة (152)
وفي صحيحمسلم
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
كان رسول الله -صلى الله عليهوسلم- يسير في طريق مكة،
فمر على جبل يقال له جمدان،
فقال:
( سيروا، هذا جمدان، سبق المفرِّدون(
قيل: وما المفردون يا رسول الله ؟
قال
( الذاكرون الله كثيراً والذاكرات )
)مسلم)
وقال -صلى الله عليه وسلم
)ما عمل ابن آدم عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله (
)صحيح الجامع(
ومما يدل على الاهتمام والحرص على المبادرة في اغتنام الأوقات
في الخيراتمن السنّة أيضاً جميع الأذكار
والأقوال الواردة في الصباح وعند الاستيقاظمن النوم.
- 5 التبكير في تلقي العلم وتحصيله:
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-
قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم
وقال مسلم -رحمه الله- في صحيحه:
قال يحي بن أبي كثير:
لا يُنال العلم براحة الجسد
قال الشاعر:
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجـود يفقر والإقـدام قتّال
قال ابن القيم -رحمه الله-:
لا ينال العلم إلا بهجر اللذات، وتطليقالراحة
قال إبراهيم الحربي:
أجمع عقلاء كل أمة أن النعيم لا يدرك بالنعيم
ومن آثر الراحة فاتته الراحة، فما لصاحب اللذات
وما لدرجة ورثةالأنبياء!!
(مفتاح دار السعادة(
قال ابن المديني -رحمه الله-:
قيل للشعبي: من أين لك هذا العلم كله؟
قال: بنفي الاعتماد (أي الاعتماد على الغير)، والسير في البلاد،
وصبر كصبر الحمار، وبكور كبكور الغراب
من خلال هذا العرض الأخير لهذا البحث يثبت لنا:
أن في البكور بركة وزيادةونماء لخيري الدنيا والآخرة، وأنه ينبغي
لكل مسلم أن يحشد همته ويقويإرادته للمسابقة لفعل الأعمال الصالحة
في كل الأوقات، وخاصة في بدايةالنهار، وهو أول الفجر لصلاتها
وقراءة القرآن بعدها وقراءة الأذكار، ثمالتوجه لبقية الأعمال الدنيوية
والدينية النافعة له في معاشه ومعاده
ونختمهذا البحث بقول ابن القيم-رحمه الله-:
ونوم الصبحة يمنع الرزق، لأن ذلك وقت تطلب فيه الخليقة أرزاقها،
وهو وقتقسمة الأرزاق، فنومه حرمان إلا لعارض أو ضرورة،
وهو مضر جداً بالبدنلإرخائه البدن، وإفساده للعضلات التي
ينبغي تحليلها بالرياضة، فيحدث تكسراًوعِيّاً وضعفاً
والحمد لله رب العالمين.