{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ }
{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا
تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ
إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }
هذا مما يأمر اللّه تعالى به وهو الوفاء بالعهود والمواثيق
والمحافظة على الأيمان المؤكدة .
{ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا }
ولا تعارض بين هذا وبين قوله :
{ وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ }
{ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ }
أي : لا تتركوها بلا كفارة،
وبين قوله عليه السلام فيما ثبت عنه في الصحيحين
أنه عليه الصلاة والسلام قال :
( إني , واللّه ! إن شاء اللّه , لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها ,
إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها )
لا تعارض بين هذا كله ولا بين الآية المذكورة ههنا
{ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا }
لأن هذه الأيمان المراد بها : الداخلة في العهود والمواثيق ،
لا الأيمان التي هي واردة على حث أو منع ؛
ولهذا قال مجاهد في قوله :
{ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا }
يعني : الحلف ، أي : حلف الجاهلية .
ويؤيده ما رواه الإمام أحمد عن جبير بن مطعم قال :
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة )
[ رواه أحمد ومسلم عن جبير بن مطعم مرفوعاً ]
أن الإسلام لا يحتاج معه إلى الحلف الذي كان أهل الجاهلية يفعلونه ،
فإن في التمسك بالإسلام كفاية عما كانوا فيه .
وقال ابن جرير، عن بريدة في قوله :
{ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ }
قال: نزلت في بيعة النبي صلى اللّه عليه وسلم ،
كان من أسلم بايع النبي صلى اللّه عليه وسلم على الإسلام .
{ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ }
هذه البيعة التي بايعتم على الإسلام
{ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا }
لا يحملنكم قلة محمد وكثرة المشركين
أن تنقضوا البيعة التي بايعتم على الإسلام .
{ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }
تهديد ووعيد لمن نقض الأيمان بعد توكيدها.