فعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله بعنهما ،
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله , وأقام الصلاة ،
وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان)
فمن حافظ على هذه الفرائض وأداها على الوجه الذي يليق
كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جمع خصال الخير والفضل ،
وكان له ذلك أكبر عون على سكرات الموت ووحشة القبر
وأثابه الله على ذلك أجراً عظيما ً.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
( دلني على عمل , إذا عملته دخلت الجنة ،
قال : تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة المكتوبة ,
وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان ،
قال : والذي نفسي بيده ، لا أزيد على هذا . فلمّا ولّى ،
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة , فلينظر إلى هذا)
ثالثا : محاسبة النفس، والاعتبار بمن مات
أخي الكريم : ومما يعلي الهمة، ويدفع النفس إلى الاستعداد للموت ،
محاسبة النفس والاعتبار بمن قد مضى ومات .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
[ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ,
فإنه أخف عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ،
وتزينوا للعرض الأكبر , كذا الأكبر
{ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ }
ولذا ينبغي للعبد أن يحاسب نفسه كل وقت وحين على أداء الفرائض ،
وأين قضى يومه ، ومن أين اكتسب ماله، وفيم أنفقه ،
وماذا بطش بيده وأين سارت رجله ، وماذا رأت عيناه وماذا سمعت أذنه ؟
فمتى كان العبد شديد المحاسبة لنفسه ،
مداوماً على التوبة والاستغفار مما يجده من التقصير والتفريط في جنب الله ،
كان أقرب إلى الثبات عند الموت ، وأبعد عن الفتنة وشدة البلاء .
وفي نفس الوقت يتعظ بمن قد مات
ووضع في قبره ويزور القبور فيتذكر بها الآخرة ،
قال سفيان : من أكثر من ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة ،
ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار.
وقال حاتم الأصم : من مرّ بالمقابر فلم يتفكر لنفسه
ولم يدع لهم فقد خان نفسه وخانهم .
ولذلك فقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور
لما لها من أثر بليغ على النفوس.
فعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)
وروي عن داود الطائي أنه مرّ على امرأة تبكي على قبر وهي تقول :
عـدمــت الـحـيـاة ولا نلـتـهـا إذا كنت في القبر قد لحدوكا
فكيـف أذوق طـعـم الـكـرى وأنـت بيمنـاك قـد وسـدوكـا
ثم قالت : يا ابناه ليت شعري بأي خديك بدأ الدود ؟
فصعق داود مكانه وخرّ مغشياً عليه .
فأكثر أخي الكريم : من ذكر هادم اللذات، واعلم أنه آت لا محالة ،
واستعد للحساب وامتحان القبر .
رابعا : المداومة على النوافل
ومن ذلك الحرص على النوافل والأذكار ،
وأعمال الخير وبذل المعروف، والتخلق بالخلق الحسن مع الناس ،
فإنه ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من الخلق الحسن .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وقال صلى الله عليه وسلم :
( ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله , ليس بينه وبينه ترجمان ،
فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر أشام منه فلا يرى إلا ما قدّم ،
وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ، فاتقوا الله ولو بشق تمرة ،
وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط قال :
لما حضر أبا بكر الصديق الموت دعا عمر
فقال له : اتق الله يا عمر ، واعلم أن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل ،
وعملاً بالليل لا يقبله بالنهار ، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى فريضته ،
وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة
بإتباعهم الحق في دار الدنيا
وثقله عليهم وحق لميزان يوضع فيه الحق غداً أن يكون ثقيلا ً.
أن يقيل العثرات ويغفر الزلات ويتجاوز عن الخطيئات
ويحسن الخواتيم وأن يجعل آخر كلامنا في الدنيا لا إله إلا الله .
