( الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم
خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم ) .
o { الْوَسْوَاسِ } : كلمة وسواس على صيغة (فعلال) ،
وهي صيغة تفيد التكرار لأنه لا ينفك عن الوسوسة
ويسمى في اللغة تكرار المقطع لتكرار الحَدَث
حيث تكرر فيها المقطع (وس) كما في كلمة كبكب (تكرار كب)
وحصحص (تكرار حص) للدلالة على تكرار الحدث .
وصيغة (فعلال) تفيد المبالغة أيضاً إذن كلمة وسواس تفيد المبالغة والتكرار
o وقد جاء التعبير في الآية بكلمة الوسواس وليس الموسوس ،
لأن الموسوس لا تفيد المبالغة،
ولأنها تقال للشخص الذي تعتريه الوسوسة دون أن تفيد المبالغة .
o وجاءت الاستعاذة بـ { شَرِّ الْوَسْوَاسِ } وليس شر الوسوسة فقط
إنما تكون من كل شرور الوسواس سواء كانت وسوسة أو لم تكن .
o { الْخَنَّاسِ }: صفة من (الخنوس) وهو الاختفاء،
وتدل على أن الخنوس صار نوعا من حرفة يداوم عليها .
عندما يكون للمرء عدو فإنه يحرص على أن يعرف مقدار عدائه ومدى قوته
والأساليب التي تمكنه من التغلب عليه أو النجاة منه،
وقد أخبرنا الله تعالى عن عدونا
أن قصارى ما نستطيع فعله هو أن نخنس وسوسته،
لأن الشيطان باق إلى يوم الدين ولا يمكننا قتله
أو التخلص منه بطريقة أخرى غير الاستعاذة بالله منه فيخنس الشيطان ،
أو أن نغفل وننسى فنقع في الوسوسة .
( يولد الإنسان والشيطان جاثم على قلبه ، فإذا عقل وذكر اسم الله خنس،
o { الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ }
ذُكر في الآية مكان الوسوسة و هو الصدور ،
ولم يقل القلوب لأن الصدور أوسع ، وهي كالمداخل للقلب،
فمنها تدخل الواردات إلى القلب ،
والشيطان يملأ الصدر بالوسوسة ومنه تدخل إلى القلب
دون أن تترك خلفها ممرا نظيفا يمكن أن تدخله نفحات الإيمان ،
بل يملأ الساحة بالوساوس قدر استطاعته مغلقا الطريق إلى القلب .
o { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ }
فقد يكون من الجِنّة وقد يكون من الناس والناس هم المعتدى عليهم ،
ولذا جاء في الآية { رَبِّ النَّاسِ } ولم يقل رب الجِنّة والناس
لأن الناس لما وقع عليهم الأذى
استعاذوا أو أمروا أن يستعيذوا بربهم ليخلصهم من شر ما أصابهم .
o وقدم الجنة على الناس لأنهم هم الأصل في الوسوسة ،
والناس تَبَع ، وهم المعتدون على الناس ، ووسوسة الإنسي
قد تكون من وسوسة الجني والجِنّة هم الأصل في الوسوسة ،
ولا تقع الوسوسة في صدورهم بل في صدور الإنس .
o وقد وردت في القرآن آية أخرى بتقديم شياطين الإنس على الجنّ
وذلك لأن السياق كان عن كفَرة الإنس الذين يشاركون الجن الوسوسة
لذا تقدّم ذكرهم على الجنّ
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ
يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا
وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }
[ سورة الأنعام : آية 112 ] .
موقع الدكتور فاضل السامرائي