قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
قال جمهور السلف : الكلمات الخبيثة للخبيثين ، ومن كلام بعضهم :
الأقوال والأفعال الخبيثة للخبيثين .
} ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً {
}وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ{
}إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ{
والأقوال والأفعال صفات القائل الفاعل ، فإذا كانت النفس متصفة بالسوء
والخبث : لم يكن محلها ينفعه إلا ما يناسبها .
" مجموع الفتاوى " ( 14 / 343 ) .
3. الخبث والطيب من الأشخاص في النكاح :
الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، وكذا الخبيثون من الرجال
للخبيثات من النساء ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ،
والطيبون من الرجال للطيبات من النساء .
وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وقال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيِّباً ، وكان أولى بأن يكون له الطيبة
، وكانت أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها الطيبة
وكانت أولى بأن يكون لها الطيب .
قال القرطبي – رحمه الله - :
وقيل : إن هذه الآية مبنية على قوله :
} الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً{
الآية ، فالخبيثات : الزواني ، والطيبات : العفائف ، وكذا الطيبون ، والطيبات .
واختار هذا القول النحاس أيضاً ، وهو معنى قول ابن زيد .
" تفسير القرطبي " ( 12 / 211 ) .
لا إشكال في الآية ، على القول الأول أو الثاني ، ولا تعارض بينها
وبين ما ذكر السائل ، ويراه الناس ، من أن الزوجة ربما كانت صالحة
والزوج فاسقا ، أو العكس .
وإنما الإشكال – عند بعض الناس – في القول الثالث في مسألتين :
1. ما يرونه من عموم تزوج طيب بفاسقة ، وتزوج فاسق بطيبة .
2. ما ورد بخصوص زوجتي نوح ولوط عليهما السلام ووصف الله لهما بالخيانة
وما ورد في تزوج امرأة فرعون المؤمنة بفرعون الطاغية .
فيقال هنا : إن معنى الآية ـ على تقدير أن يكون المراد بالخبث والطيب :
خبث الأزواج وطيبهم ـ : أنه لا يليق بالطيب أن يتزوج إلا طيبة مثله
ولا يليق بالخبيثة إلا خبيث مثلها ، ومن رضي بالخبيثة مع علمه بحالها :
فهو خبيث مثلها ، ومن رضيت بخبيث مع علمها بحاله : فهي خبيثة مثله
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ،
والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، والطيبات من النساء
للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء .
وهذا - أيضاً - يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم ، أي :
ما كان الله ليجعلأم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها
زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة ؛ لأنه أطيب
من كل طيب من البشر ، ولو كانت خبيثة لما صلحت له ، لا شرعاً
ولا قَدَراً ؛ ولهذا قال :
} أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ {
أي : هم بُعَداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان .
} لَهُمْ مَغْفِرَةٌ { أي :
بسبب ما قيل فيهم من الكذب .
} وَرِزْقٌ كَرِيمٌ { أي :
عند الله في جنات النعيم .
وفيه وعد بأن تكون زوجة النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنة .
" تفسير ابن كثير " ( 6 / 35 ) .
وفي الآية بيان براءة أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها
حيث زكاها الله تعالى بوصفها بالطيبة لأنها كانت تحت الطيب ،
وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن الله تعالى ليختارها زوجة
لنبيه صلى الله عليه وسلم لو كانت خبيثة ! ومن هنا كان الطاعن
في عرض أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها
طاعناً في النبي صلى الله عليه ، ومستحقّاً للحكم بالردة والقتل .