عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-27-2013, 06:32 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

والمعنى الثاني :
أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين ، والرجال الخبيثون أولى بالنساء الخبيثات
والنساء الطيبات الطاهرات العفيفات أولى بالرجال الطاهرين الأعفاء ،
والرجال الطيبون الأعفاء أولى بالنساء الطاهرات العفيفات ،
والآية على كلا المعنيين دالة على المقصود منها ، وهو نزاهة
أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها
عمَّا رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول من الفاحشة ومن تبعه
ممن انخدع ببهتانه واغتر بزخرف قوله .
ثانياً :
قال الله تعالى
} وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي
وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ . قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ
إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ {
ومعنى الآيتين :
أن الله تعالى أخبر عن رسوله نوح عليه السلام أنه سأله تعالى أن ينجز له
وعده إياه بنجاة ولده من الغرق والهلاك بناء على فهمه من ذلك
من قوله تعالى له
}احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ {
فقال :
} فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي {
وقد وعدتني بنجاة أهلي ، ووعدك الحق الذي لا يخلف وأنت
}أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ {
} قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ {
أي : الذين وعدتك بإنجائهم ؛ لأني إنما وعدتك بإنجاء
مَن آمن مِن أهلك ، بدليل الاستثناء
في قوله تعالى
} إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ {
ولذلك عاتبه الله تعالى على تلك المساءلة وذلك الفهم بقوله :
} يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ {
وبيَّن ذلك بقوله
} إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ {
لكفره بأبيه نوح عليه السلام ؛ ومخالفته إياه ، فليس من أهله ديناً ،
وإن كان ابناً له من النسب ،
قال ابن عباس وغير واحد من السلف رضي الله عنهم :
" ما زنت امرأة نبي قط "
وهذا هو الحق ، فإن الله سبحانه أغْيَر مِن أن يمكِّن امرأة نبي من الفاحشة
ولذلك غضب سبحانه على الذين رموا أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة /
رضى الله تعالى عنها و عن أبيها زوج النبي صلى الله عليه وسلم
بالفاحشة ، وأنكر عليهم ذلك وبرَّأها مما قالوا فيها ، وأنزل في ذلك قرآناً
يُتلى إلى يوم القيامة .
ثالثاً :
قال الله تعالى :
} ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا {
الآيتين من سورة التحريم .
بعد أن عاتب الله تعالى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخاصة
أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها
وحفصة رضي الله عنهن جميعاً على ما بدَر منهن مما لا يليق بحسن
معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن يعتزلهن شهراً ،
وأنكر تعالى عليهن بعض ما وقع منهن من أخطاء في حقه عليه الصلاة والسلام
وأنذرهن بالطلاق وأن يبدله أزواجاً خيراً منهن
ختم سورة التحريم بمثلَين :
مثل ضربه للذين كفروا بامرأتين كافرتين امرأة نوح وامرأة لوط ،
ومثل ضربه للذين آمنوا بامرأتين صالحتين بآسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران
إيذاناً بأن الله حكم عدل لا محاباة عنده ، بل كل نفس عنده بما كسبت رهينة
وحث العباد على التقوى ، وأن يخشوا يوماً يرجعون فيه إلى الله ،
يوماً لا يجزي فيه والد عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً ،
يوم يفرُّ المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ، لكل امرئ منهم
يومئذ شأن يغنيه ، يوم لا تزر فيه وازرة وزر أخرى ، وإن تدع مثقلة
إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ، يوم لا تنفع فيه الشفاعة
إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً ، فبيَّن سبحانه أن امرأة نوح
وامرأة لوط كانتا كافرتين ، وكانتا تحت رسوليْن كريميْن من رسل الله ،
وكانت امرأة نوح تخونه بدلالة الكفار على مَن آمن بزوجها ،
وكانت امرأة لوط تدل الكفار على ضيوفه ، إيذاء وخيانة لهما ،
وصدّاً للنَّاس عن اتباعهما ، فلم ينفعهما صلاح زوجيهما نوح ولوط ،
ولم يدفعا عنهما من بأس الله شيئاً
وقيل لهاتين المرأتين : ادخلا النار مع الداخلين ، جزاءً وفاقاً بكفرهما وخيانتهما
بدلالة امرأة نوح على من آمن به ، ودلالة امرأة لوط على ضيوفه ،
لا بالزنى ، فإن الله سبحانه لا يرضى لنبي من أنبيائه زوجة زانية ،
قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى } فَخَانَتَاهُمَا {
قال : " ما زنتا " ، وقال : " ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما
في الدين "
وهكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وغيرهم .
وبيَّن الله سبحانه بالمثل الذي ضربه للذين آمنوا بآسية زوجة فرعون ،
وكان أعتى الجبابرة في زمانه ، أن مخالطة المؤمنين للكافرين لا تضرهم
، إذا دعت الضرورة إلى ذلك ، ما داموا معتصمين بحبل الله تعالى
متمسكين بدينه ، كما لم ينفع صلاحُ الرسولين : نوح ولوط زوجتيهما الكافرتين
قال الله تعالى :
} لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً {
ولذلك لم يضر زوجة فرعون كفرُ زوجها وجبروته ، فإن الله حكم عدل
لا يؤاخذ أحداً بذنب غيره بل حماها وأحاطها بعنايته وحسن رعايته
واستجاب دعاءها وبنى لها بيتاً في الجنة ، ونجَّاها من فرعون وكيده
وسائر القوم الظالمين
مما تقدم في تفسير الآيات من أن ابن نوح ليس ابن زنى ،
وأنأم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها
برَّأها الله في القرآن مما رماها به رأس النفاق ، ومن انخدع بقوله
من المؤمنين والمؤمنات ، وأن كلا من امرأة نوح وامرأة لوط لم تزن
وإنما كانتا كافرتين ، ودلت كل منهما الكفار على ما يسوؤهما ويصد
الناس عن اتباعهما ، وأن زواج المؤمن بالكافرة كان مباحاً في الشرائع السابقة
وكذا زواج الكافر بالمؤمنة ، وأن الله حمى امرأة فرعون من كيده
وحفظ عليها دينها ونجاها من الظالمين : يتبين أن الآيات المذكورة
متوافقة ، لا متناقضة ، وأن بعضها يؤيِّد بعضاً .
الشيخ عبد العزيز بن باز
الشيخ عبد الرزاق عفيفي
الشيخ عبد الله بن غديان
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 270 – 276 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
في الله اخوكم : مصطفى الحمد


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس