} الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نعمتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا{
}وَأَنَّ هَذَا صراطي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ
عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{
وكانت هذه وصاة كل نبي وكل رسول لتنعم البشرية بالهداية،
ويسعد الفرد بالتعاليم، والعمر قصير، والدهر يمر، وتضيع الآجال:
}وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِى إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ
فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ* أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ
إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ
وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ{
وكان دائما تبليغ الرسل للهدايات بالكلمة والإقناع بالحجة والمنطق
}ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بالتي هي أَحْسَنُ{
وما نزلت رسل ومعها طائرات، ولا جيوش، ولا أسلحة، ولكنها نزلت
ومعها الكلمة والحكمة التي هي ضالة المؤمن
وكان" محمد صلى الله عليه وسلم " هو رسول الكلمة المعجزة،
واللفظة المسكتة، التي تحدت فصحاء البلاغة، وكانت هذه نعمة للداعية
}وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ
وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا{
ولقد كونت الأمة الإسلامية ودخل الناس في دين الله أفواجا،
وشرَّق الإسلام وغرَّب بالحكمة والبيان والفهم والعرفان والموعظة الحسنة
وكان صحابة الرسول فرسان الكلمة، وأرباب الحجة،
قال يهودي لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه:
ما لكم لم تلبثوا بعد نبيكم إلا خمس عشرة سنة حتى تقاتلتم؟
ولِمَ أنتم؟ لم تجف أقدامكم من البلل حتى قلتم:
يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة.
وقال معاوية لرجل من اليمن:
ما كان أجهل قومك حين ملَّكوا عليهم امرأة!!
فقال الرجل: أجهل من قومي قومك الذين قالوا حين دعاهم رسول الله:
} اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ
أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{
ولم يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه.
وخطر الكلمة عند من يعرفها لا يعدِله خطر، ولهذا كمم الظالمون الأفواه،
وقطعوا الألسنة، وأغلقوا الصحف، واستولوا على الإعلام،
ولكنهم لن يستطيعوا أن يُسكِتوا كل صوت، أو يحبسوا كل كلمة،
فلا بد أن نتعلم لغة الكلام، ونحارب الظلم بسلاح الفكر.
وكان بعض الدعاة يرفض العنف، ويقول:
( ما حاجتنا إلى المسدس ولنا لسان؟! وما حاجتنا إلى القنبلة
ودوى صوت المظلوم أعلى من انفجار الديناميت؟! نحن دعاة ولسنا قضاة )
فهل يتعلم الدعاة فن الكلمة حتى يسودوا ويقودوا؟
وهل يرجعون إلى طريق الأنبياء والمرسلين حتى يتصل الركب؟
وتسعد البشرية بالأمن والراحة في رحاب الإيمان، ويعرفوا الفرق
بين الهداية والفساد، والظلم والعدالة، والضلال والإيمان؟
ولا يهولنهم حقد عدو ولا افتراءات مفترى على الإسلام أو على
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعمال الرسول وأفعاله المبهرة
أضاءت الطريق للبشرية، وهدت العقول الإنسانية إلى الطريق القويم،
وما زالت المنارة الوحيدة اليوم التي يحتاجها العالم في كل درب
وتتطلع إليها الإنسانية في كل فج عميق، ولكنها تحتاج إلى بيان
حتى يظهر ضياؤها، وإلى دعاة وأعلام حتى تنمو بذرتها وتخرج ثمرتها.
إن عدونا يريد فتنتنا وتضليلنا بالغزو الفكري الضال
ويرصدون لذلك المبالغ الطائلة حتى تصل رسالتهم إلى الهدف الخبيث،
ونحن نكتفى بالصياح والهياج الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع،
وكنا نتمنى من علمائنا ومفكرينا في العالم العربي والإسلامي أن يقوموا
بتعريف الناس برسالة الإسلام ورسول الإسلام الذى أشرقت له الظلمات
وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، حينها وحين ذلك سيدخل الناس في دين
الله أفواجا بدل العداء الجاهل والحقد الأعمى الذى يضل الطريق
ويعمى الأبصار، وأضواء الرسالة ونبل التعاليم وشرف الهداية
كفيل بهداية الضالين وإرشاد الحائرين.
كما كنا نتمنى من أثرياء العالم العربي والإسلامي أن يمولوا حملة
تستطيع أن تظهر هذا الفتح، ويقوم كل إنسان منا بدوره الصحيح
في البلاغ والبيان بالحجة والمنطق والموعظة الحسنة كما نبه الإسلام
{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بالتي هي أَحْسَنُ }
وبهذا نكون قد قمنا بدورنا الصحيح بالشكل الذى يحقق النفع ويمنع
والله نسأل أن يوفق وأن يعين وأن يوجهنا إلى ما يحب ويرضى..
نقله لكم الفقير إلي الله / عبدالعزيز محمد