فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا{
سبب قول موسى لفتاه ووهو يوشع بن نون هذا الكلام، أنه ذكر له عبداً
من عباد اللّه بمجمع البحرين عنده من العلم ما لم يحط به موسى فأحب
الرحيل إليه، وقال لفتاه ذلك
}حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ}
أي هذا المكان الذي فيه مجمع البحرين
هما بحر فارس مما يلي المشرق و بحر الروم مما يلي المغرب،
مجمع البحرين عند طنجة، يعني في أقصى بلاد المغرب،
{ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا }
أي ولو أني أسير حقباً من الزمان
عن عبد اللّه بن عمرو أنه قال:
{ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا }
{ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا }
وذلك أنه كان قد أمر بحمل حوت مملوح معه وقيل له متى فقدت الحوت
فهو ثمة، فسارا حتى بلغا مجمع البحرين، وكان في مكتل مع يوشع عليه
السلام، وطفر من المكتل إلى البحر، فاستيقظ يوشع عليه السلام وسقط
الحوت في البحر فجعل يسير في الماء والماء له مثل الطاق لا يلتئم بعده،
{ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا }
صار أثره كأنه حجر، وقال قتادة: سرب من البحر حتى أفضى إلى البحر،
ثم سلك فيه فجعل لا يسلك فيه طريقاً إلا صار ماء جامداً
أي المكان الذي نسيا الحوت فيه
{ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا }
أي المكان الذي جاوزا فيه المكان
{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ
وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ }
{ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ، قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي }
أي يقصان آثار مشيهما، ويقفوان أثرهما
{ فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا }