ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : - حَدَّثَنِي يُونُس ,
قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد ,
{ فَاِتَّخَذَ سَبِيله فِي الْبَحْر سَرَبًا }
قَالَ : قَالَ : حُشِرَ الْحُوت فِي الْبَطْحَاء بَعْد مَوْته حِين أَحْيَاهُ اللَّه .
قَالَ اِبْن زَيْد , وَأَخْبَرَنِي أَبُو شُجَاع أَنَّهُ رَآهُ قَالَ : أَتَيْت بِهِ فَإِذَا هُوَ شُقَّة
حُوت وَعَيْن وَاحِدَة , وَشِقّ آخَر لَيْسَ فِيهِ شَيْء . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل
فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : وَاِتَّخَذَ الْحُوت طَرِيقه فِي الْبَحْر
سَرَبًا . وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ السَّرَب كَانَ بِانْجِيَابِ عَنْ الْأَرْض ;
وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَ بِجُمُودِ الْمَاء ; وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَ بِتَحَوُّلِهِ حَجَرًا
. وَأَصَحّ الْأَقْوَال فِيهِ مَا رُوِيَ الْخَبَر بِهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ أُبَيّ عَنْهُ .
{ فَاِتَّخَذَ سَبِيله فِي الْبَحْر سَرَبًا }
فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّ الْحُوت اِتَّخَذَ طَرِيقه الَّذِي سَلَكَهُ فِي الْبَحْر سَرَبًا , كَمَا :
حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد
{ فَاِتَّخَذَ سَبِيله فِي الْبَحْر سَرَبًا }
قَالَ : الْحُوت اِتَّخَذَ . وَيَعْنِي بِالسَّرَبِ : الْمَسْلَك وَالْمَذْهَب , يَسْرُب فِيهِ :
يَذْهَب فِيهِ وَيَسْلُكهُ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي صِفَة اِتِّخَاذه سَبِيله
فِي الْبَحْر سَرَبًا , فَقَالَ بَعْضهمْ : صَارَ طَرِيقه الَّذِي يَسْلُك فِيهِ كَالْحَجَرِ .
ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن ,
قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس ,
قَالَ : أَثَره كَأَنَّهُ حَجَر . حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة ,
قَالَ : ثَنْي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه
عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب ,
قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين ذَكَرَ حَدِيث ذَلِكَ :
( مَا اِنْجَابَ مَاء مُنْذُ كَانَ النَّاس غَيْره ثَبَتَ مَكَان الْحُوت الَّذِي فِيهِ
فَانْجَابَ كَالْكُوَّةِ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ مُوسَى , فَرَأَى مَسْلَكه
فَقَالَ : ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي )
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عَطِيَّة , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن ثَابِت ,
عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس
{ فَاِتَّخَذَ سَبِيلًا فِي الْبَحْر سَرَبًا }
قَالَ : جَاءَ فَرَأَى أَثَر جَنَاحَيْهِ فِي الطِّين حِين وَقَعَ فِي الْمَاء ,
{ فَاِتَّخَذَ سَبِيلًا فِي الْبَحْر سَرَبًا }
وَحَلَّقَ بِيَدِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ صَارَ طَرِيقه فِي الْبَحْر مَاء جَامِدًا .
ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد ,
عَنْ قَتَادَة , قَالَ : سَرَب مِنْ الْجُرّ حَتَّى أَفْضَى إِلَى الْبَحْر , ثُمَّ سَلَكَ ,
فَجَعَلَ لَا يَسْلُك فِيهِ طَرِيقًا إِلَّا صَارَ مَاء جَامِدًا .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ صَارَ طَرِيقه فِي الْبَحْر حَجَرًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنْي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي ,
قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ :
جَعَلَ الْحُوت لَا يَمَسّ شَيْئًا مِنْ الْبَحْر إِلَّا يَبِسَ حَتَّى يَكُون صَخْرَة .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا اِتَّخَذَ سَبِيله سَرَبًا فِي الْبِرّ إِلَى الْمَاء , حَتَّى وَصَلَ
إِلَيْهِ لَا فِي الْبَحْر .
ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ :
{ فَاِتَّخَذَ سَبِيله فِي الْبَحْر سَرَبًا }
قَالَ : قَالَ : حُشِرَ الْحُوت فِي الْبَطْحَاء بَعْد مَوْته حِين أَحْيَاهُ اللَّه .
قَالَ اِبْن زَيْد , وَأَخْبَرَنِي أَبُو شُجَاع أَنَّهُ رَآهُ قَالَ : أَتَيْت بِهِ فَإِذَا هُوَ شُقَّة
حُوت وَعَيْن وَاحِدَة , وَشِقّ آخَر لَيْسَ فِيهِ شَيْء .
وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ :
وَاِتَّخَذَ الْحُوت طَرِيقه فِي الْبَحْر سَرَبًا . وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ السَّرَب كَانَ
بِانْجِيَابِ عَنْ الْأَرْض ; وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَ بِجُمُودِ الْمَاء ; وَجَائِز
أَنْ يَكُون كَانَ بِتَحَوُّلِهِ حَجَرًا . وَأَصَحّ الْأَقْوَال فِيهِ مَا رُوِيَ الْخَبَر
بِهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ أُبَيّ عَنْهُ .'
{ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا }
للبحرين؛ قال مجاهد. والسرب المسلك
جمد الماء فصار كالسراب. وجمهور المفسرين أن الحوت بقي موضع
سلوكه فارغا، وأن موسى مشى عليه متبعا للحوت، حتى أفضى به
الطريق إلى جزيرة في البحر، وفيها وجد الخضر
وظاهر الروايات والكتاب أنه إنما وجد الخضر في ضفة البحر
وإنما كان النسيان من الفتى وحده فقيل : المعنى؛ نسي أن يعلم موسى
بما رأى من حال فنسب النسيان إليهما للصحبة،
{ يَخْرُج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَان }
{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ...}
وإنما الرسل من الإنس لا من الجن وفي البخاري؛
فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قال : ما كلفت كثيرا؛
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ...}
يوشع بن نون - ليست عن سعيد - قال فبينا هو في ظل صخرة في مكان
ثريان إذ تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه : لا أوقظه؛ حتى إذا
استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دخل البحر،
فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كأن أثره في حجر؛
قال لي عمرو : هكذا كأن أثره في حجر وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما
وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار مثل الطاق، فلما استيقظ نسي
صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان
{ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا }
ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله به، فقال له فتاه
{ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ
وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ }
وقيل : إن النسيان كان منهما
فنسب النسيان إليهما؛ وذلك أن بدو حمل الحوت كان من موسى
لأنه الذي أمر به، فلما مضيا كان فتاه الحامل له حتى أويا إلى الصخرة نزلا.