عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 08-31-2013, 11:03 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

* حَدَّثَنِي يُونُس
قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله :
{ تَتَّخِذُونَ أَيْمَانكُمْ دَخَلًا بَيْنكُمْ }
[ النحل : 92 ]
يَغُرّ بِهَا , يُعْطِيه الْعَهْد يُؤَمِّنهُ وَيُنْزِلهُ مِنْ مَأْمَنه ,
فَتَزِلّ قَدَمه وَهُوَ فِي مَأْمَن , ثُمَّ يَعُود يُرِيد الْغَدْر ,
قَالَ : فَأَوَّل بُدُوّ هَذَا قَوْم كَانُوا حُلَفَاء لِقَوْمٍ تَحَالَفُوا وَأَعْطَى بَعْضهمْ بَعْضًا الْعَهْد
فَجَاءَهُمْ قَوْم قَالُوا : نَحْنُ أَكْثَر وَأَعَزّ وَأَمْنَع ,
فَانْقُضُوا عَهْد هَؤُلَاءِ وَارْجِعُوا إِلَيْنَا ! فَفَعَلُوا ,
وَذَلِكَ قَوْل اللَّه تَعَالَى :
{ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَان بَعْد تَوْكِيدهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّه عَلَيْكُمْ كَفِيلًا }
[ النحل : 91 ]
{ أَنْ تَكُون أُمَّة هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّة }
[ النحل : 92 ]
{ هِيَ أَرْبَى }: أَكْثَر مِنْ أَجْل أَنْ كَانُوا هَؤُلَاءِ أَكْثَر مِنْ أُولَئِكَ نَقَضْتُمْ الْعَهْد
فِيمَا بَيْنكُمْ وَبَيْن هَؤُلَاءِ , فَكَانَ هَذَا فِي هَذَا ,
وَكَانَ الْأَمْر الْآخَر فِي الَّذِي يُعَاهِدهُ فَيُنْزِلهُ مِنْ حِصْنه ثُمَّ يَنْكُث عَلَيْهِ ,
الْآيَة الْأُولَى : فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم وَهِيَ مَبْدَؤُهُ , وَالْأُخْرَى: فِي هَذَا 16522
* حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن
قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول .
فِي قَوْله :
{ أَنْ تَكُون أُمَّة هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّة }
[ النحل : 92 ]
يَقُول : أَكْثَر , يَقُول : فَعَلَيْكُمْ بِوَفَاءِ الْعَهْد .
وَقَوْله :
{ إِنَّمَا يَبْلُوكُمْ اللَّه بِهِ }
[ النحل : 92 ]
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّمَا يَخْتَبِركُمْ اللَّه بِأَمْرِهِ إِيَّاكُمْ بِالْوَفَاءِ بِعَهْدِ اللَّه إِذَا عَاهَدْتُمْ ,
لِيَتَبَيَّن الْمُطِيع مِنْكُمْ الْمُنْتَهِي إِلَى أَمْره وَنَهْيه مِنْ الْعَاصِي الْمُخَالِف أَمْره
{ وَلَيُبَيِّنَن لَكُمْ يَوْم الْقِيَامَة مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }
[ النحل : 92 ]
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَيُبَيِّنَن لَكُمْ أَيّهَا النَّاس رَبّكُمْ يَوْم الْقِيَامَة
إِذَا وَرَدْتُمْ عَلَيْهِ بِمُجَازَاةِ كُلّ فَرِيق مِنْكُمْ عَلَى عَمَله فِي الدُّنْيَا ,
الْمُحْسِن مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ ,
{ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }
[ النحل : 92 ]
وَاَلَّذِي كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فِي الدُّنْيَا
أَنَّ الْمُؤْمِن بِاَللَّهِ كَانَ يُقِرّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه وَنُبُوَّة نَبِيّه ,
وَيُصَدِّق بِمَا اِبْتَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ , وَكَانَ يُكَذِّب بِذَلِكَ كُلّه الْكَافِر ;
فَذَلِكَ كَانَ اِخْتِلَافهمْ فِي الدُّنْيَا الَّذِي وَعَدَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عِبَاده
أَنْ يُبَيِّنهُ لَهُمْ عِنْد وُرُودهمْ عَلَيْهِ بِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْبَيَان .
v تفسير القرطبي
قوله تعالى :
{ وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّتِي نَقَضَتْ غَزْلهَا مِنْ بَعْد قُوَّة أَنْكَاثًا }
[ النحل : 92 ]
النقض والنكث واحد، والاسم النكث والنقض، والجمع الأنكاث.
فشبهت هذه الآية الذي يحلف ويعاهد ويبرم عهده
ثم ينقضه بالمرأة تغزل غزلها وتفتله محكما ثم تحله.
ويروى أن امرأة حمقاء كانت بمكة تسمى ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد
بن تيم بن مرة كانت تفعل ذلك، فبها وقع التشبيه ؛
قال الفراء : وحكاه عبدالله بن كثير والسدي ولم يسميا المرأة،
وقال مجاهد وقتادة : وذلك ضرب مثل، لا على امرأة معينة.
و { أَنْكَاثًا } : نصب على الحال. والدخل : الدغل والخديعة والغش.
قال أبو عبيدة : كل أمر لم يكن صحيحا فهو دخل.
{ أَنْ تَكُون أُمَّة هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّة }
[ النحل : 92 ]

قال المفسرون :
نزلت هذه الآية في العرب الذين كانت القبيلة منهم إذ حالفت أخرى،
ثم جاءت إحداهما قبيلة كثيرة قوية فداخلتها غدرت الأولى
ونقضت عهدها ورجعت إلى هذه الكبرى –
قاله مجاهد - فقال الله تعالى :
لا تنقضوا العهود من أجل أن طائفة أكثر من طائفة أخرى أو أكثر أموالا
فتنقضون أيمانكم إذا رأيتم الكثرة والسعة في الدنيا لأعدائكم المشركين .
والمقصود : النهي عن العود إلى الكفر بسبب كثرة الكفار وكثرة أموالهم .
وقال الفراء : المعنى لا تغدروا بقوم لقلتهم وكثرتكم أو لقلتكم وكثرتهم،
وقد عززتموهم بالأيمان. { أَرْبَى } :أي : أكثر؛ من ربا الشيء يربو إذا كثر.
والضمير في ( به ) يحتمل أن يعود على الوفاء الذي أمر الله به .
ويحتمل أن يعود على الرباء ؛
أي : أن الله تعالى ابتلى عباده بالتحاسد وطلب بعضهم الظهور على بعض،
واختبرهم بذلك من يجاهد نفسه فيخالفها ممن يتبعها ويعمل بمقتضى هواها؛
وهو معنى قوله
{ إِنَّمَا يَبْلُوكُمْ اللَّه بِهِ وَلَيُبَيِّنَن لَكُمْ يَوْم الْقِيَامَة مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }
[ النحل : 92 ]
من البعث وغيره.
والله جل جلاله اعلم
في الله اخوكم / مصطفى الحمد
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس