الأخ / الصبر ضياء - الفرجقريب
وكم مِنْ حامل علمٍ وهُوَ لا يفقه!
قالَ معالي الشَّيخ الدُّكتور/ صالح بن فوزان الفوزان
(عضو هيئة كبار العُلماء) – حفِظَهُ اللهُ تَعَالَى :
"لا شكَّ أنَّ « طلب العلم » هو الأساس للقول والعمل
{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ }
فبدأ بالعلم قبل القول والعمل،
كما قالَ الإمام البُخاريُّ - رَحِمَهُ اللهُ - في " صحيحه " :
[ وفضل طلب العلم جاء في القرآن والسُّنة الكثير من الأدلَّة عليه ]
منها ما سمعتم من معالي المدير،
مثل قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
{ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ
لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }
ما كل النَّاس يتيسر لهم طلب العلم، ولكن مِنْ كل فرقة، مِنْ كل قبيلة،
مِنْ كل بلد، مِنْ كل أسرة طائفة،
والطَّائفة تطلق على القليل وعلى الكثير، لأيّ شيء ؟
{ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ }
وهو طلب العلم، ليس حفظ فقط؛ الحفظ وسيلة فقط، لكن الفقه في الدِّين،
وكم من حامل علمٍ وهو لا يفقه.
فالمدار على الفقه والفهم في دين الله عَزَّ وَجَلَّ،
{ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ }
ثمَّ بعد ما يتفقَّهون في الدِّين يرجعون إلى قومهم وبلادهم وقبائلهم وأسرهم
فينذرونهم، يعني : يعلمونهم ممَّا علَّمهم الله، وينشرون العلم فيهم،
فبهذا ينتشر الإسلام في المشارق والمغارب، طريقة سهلة ميسرة،
{ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِم }
أهمّ ما عليك قومك ، تبدأ بهم :
{ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ }
تبدأ بهم، ثمَّ يتمدد الخير منهم إلى غيرهم، وهكذا ،
{ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }
وقالَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ سلكَ طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنَّة )
" سلكَ طريقًا " : يعني : اتّبع خطَّة من خطط طلب العلم يسير عليها،
هذا طريق يسلكه طالب العلم،
ما هو طالب العلم يأخذ كتاب ولا يأخذ القرآن ويجلس في بيته ويقرأ، لا،
لازم يذهب، لازم يسافر لطلب العلم، لازم يلتقي بالعلماء،
لازم يدخل في دور التَّعليم، وهذا يحتاج إلى جهد، ويحتاج إلى صبر،
ويحتاج إلى معاناة، فطلب العلم لا بدَّ فيه من بذلٍ للوقت وللرَّاحة،
{ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ }
نفروا :أي : رحلوا بعيدًا أو قريبًا،
ما هو يأخذ كتاب يحفظه ولا يقرأه في بيته، لا، هذا ما هو بطلب علم،
أنَّهُ يفهم غير المقصود وغير المطلوب فلا بدَّ أنَّهُ ينفر لطلب العلم،
أينما وجده ولو كان بعيدًا يذهب إليه،
{ فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ }
هذا القصد، أنَّهُ يلتمس العلم يذهب إليه ويتلقاه من أهله، العلم بالتَّلقي،
والكتب هذه إنَّما هي أدوات. وأمَّا تلقي العلم فليس من الكتب،
( يلتمس فيه علمًا , سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنَّة )
فهو يسير في طلب العلم، وهو يسير إلى الجنَّة إذا صَلُحت نيَّته وَسَلِم قصده،
وتوجهه، فإنَّهُ يذهب إلى الجنَّة، ما هو يذهب إلى طمعٍ آخر،
وإذا جاءه شيءٌ من أمور الدُّنيا فهو من الإعانة من الله عَزَّ وَجَلَّ له،
لكن لا يكون هو المقصود، إنَّما يكون يستعين به على طلب العلم . اهـ .
