عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-02-2013, 06:36 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي الصحابي الجليل : عمير بن وهب

الأخ / مصطفى آل حمد

الصحابي الجليل : عمير بن وهب
رضي الله عنه
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا,
وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه,
وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه,
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه,
وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم
إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
ما هي الرسالة الخاصة التي يهديها الله لبعض الأشخاص
وما مصيرهم إن لم يستجيبوا لها ؟
أيها الأخوة الأكارم
مع بداية الدرس الثلاثين من دروس سيرة أصحاب رسول الله
رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وصحابيُّ اليوم سيدنا عمير بن وهب,
ولهذا الصحابي قصة فريدة، وقبل أن نخوض في الحديث عن تفاصيل
رحلته في طريق الإيمان لا بد من توضيح بعض الأفكار .
أيها الأخوة
ربنا جل جلاله خبير بخلقه، وأخصُّ الإنسان بحديثي الآن من بين الخلق جميعًا
في بعض الأحيان ربنا سبحانه وتعالى يريه الكثيرَ من آياته الدالة على وجوده
وعلى علمه، وعلى وحدانيته، وعلى كماله، وبعض الأشخاص تتدخل
العناية الإلهية لحكمة مطلقة متعلقة بعلم الله بهؤلاء الأشخاص تدخلاً مباشرًا
فهذا الشخص عمير بن وهب أراه الله من آياته، ولأن الله سبحانه تعالى عليم به
تتضح له الحقائق، وينطلق في طريق الإيمان .
فهؤلاء سحرة فرعون حينما رأوا عصا سيدنا موسى انقلبت ثعباناً مبيناً،
وتلقَّفت كل ما صنعوا من السحر خروا لله ساجدين، لذلك قال بعضهم:
إما أن تطيعه فيكرمك، فهذا طريق، وأحياناً يكشف لك عن جوانب عظمته
أو عن آياته، وهو يعلم أنك تستجيب فيكون الكشف سابقًا للطاعة,
وإما أن يكون الكشفُ بعيدًا الطاعة .
هذه القصة فريدة من نوعها، فأحياناً الإنسان يرى منامًا يأتي مثل فلق الصبح
وأحياناً ينقذه الله عز وجل من ورطة محققة بحكمة ما بعدها حكمة،
وبقدرة ما بعدها قدرة، فالإنسان إذا وضعه الله عز وجل أمام آية من آياته
الدالة على وجوده، والدالة على كماله، والدالة على علمه، والدالة
على وحدانيته، ولم يستجِب فالويل له .
يمكنك أن تتفكر في الكون، وأن تتيقن من خلاله وجود الله عز وجل،
وذلك من كماله، من وحدانيته، ومن ألوهيته، ومن ربوبيته، وتمشي
في طريق طاعته إلى أن تنكشف لك الحقيقة، لكن أحياناً وهذه حالات قليلة
وأنت متلبس بالمعصية، وأنت غارق في اتباع الشهوات يكشف الله لك
بعض الحقائق، لعلمه بأنك تستجيب، فهذا الذي لا يستجيب إنسان خاسر،
وكل واحد منا ضمن عمله، وفي أثناء سفره، وضمن إقامته
ومن خلال علاقاته قد ينشأ معه شيء على خلاف المألوف
وعلى خلاف العادة، إنها عناية إلهية، والقصص في هذا كثيرة جداً
فإذا كشف اللهُ لك جانباً من آياته التي تدل على وجوده، وعلى وحدانيته،
وعلى ربوبيته، وعلى ألوهيته، وعلى علمه, فعليك أن تسرع الخطى،
لأنها فرصة نادرة لا تتكرر، وإذا كان التسعة والتسعون بالمئة من الناس
مكلفون أن يهتدوا إلى الله بعقولهم، وأن يستجيبوا له، وبعدئذ يكشف لهم
عن جوانب آياته الباهرة فإن بعض الأشخاص، وهم قلة قليلة، ولحكمة بالغة
يكشف لهم عن وجوده، وعن علمه، وعن آياته قبل أن يطيعوا
فإذا لم يطيعوا كان هذا الكشف حجة عليهم .
ما هو الحديث الذي جرى بين عمير بن وهب وبين صفوان بن أمية ؟
سيدنا عمير بن وهب، هذا اسمه الدقيق عمير بن وهب الجمحي عاد
من موقعة بدر ناجياً بنفسه، لكن ابنه وهبًا خلَّفه أسيراً عند
النبي عليه الصلاة والسلام, أب و ابنه كانا في معركة بدر، وهذه المعركة
حُسِمت لصالح المسلمين، والقتلى كثير، وأسرى كثيرون وقعوا في قبضة
النبي عليه الصلاة والسلام، أمّا الأب فنجا ووقع الابن أسيرًا .
أيها الأخوة
نحن أحياناً بأساليب معوجة، وبأساليب لا ذكاءَ فيها، نخسر أصدقاءنا،
لكن النبي عليه الصلاة والسلام للكمال الذي أكرمه الله به يستقطب أعداءه
إنه شيء غريب، عمير بن وهب من ألَدِّ أعداء النبي عليه الصلاة والسلام
كان كافراً مشركاً عنيداً مناهضاً ضالاً مضلاً فاسقاً فاجراً أراد أن يطفئ
نور الله، فحارب أصحاب رسول الله، ونكل بهم، بل لم يدَّخر وسعاً
في إيقاع الأذى بهم، فكان هذا الرجل من ألدِّ أعداء النبي، وبعد أن وقع
ابنه أسيراً عند رسول الله، خاف أن يؤخذ الابنُ بجريرة أبيه،
وأن يسوموه سوء العذاب، جزاءَ ما كان ينزل برسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى
ولقاء ما كان يلحق بأصحابه من النكال .
في أحد الأيام توجَّه عمير إلى البيت الحرام للطواف بالكعبة، لأن الحج
كما تعلمون عبادة قديمة
قال تعالى:
}إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ{
( سورة آل عمران الآية: 96 )
فالعرب كانوا يطوفون حول الكعبة, فرأى صفوان بن أمية جالساً
إلى جانب الحِجْر، والحِجْر ذلك القوس المبني إلى جانب الكعبة،
وهو قديم، فأقبل عليه،
وقال:
عِمْ صباحاً يا سيد قريش
فقال صفوان:
عِمْ صباحاً يا أبا وهب، اجلس نتحدث ساعةً
فجلس عمير، إنهما رجلان موتوران، رجلان حاقدان، رجلان يغليان حقداً
على رسول الله، جلس عمير بإزاء صفوان بن أمية، وطفق الرجلان
يتذاكران بدراً، ومصابهما العظيم، ويعدِّدان الأسرى الذين وقعوا في قبضة
النبي عليه الصلاة والسلام، ويتفجعان على عظماء قريش ممّن قتلتهم
صناديدُ المسلمين، وغيَّبهم القليبُ في أعماقه

رد مع اقتباس