فعَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ:
خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ, فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ, إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا
( أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي, ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهـُمْ, ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ
حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ
أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجـُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ
عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ, وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ
وَهـُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ
مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ )
[أخرجه الترمذي في سننه عن ابن عمر]
عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ, قَالَ:
قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ قُلْتُ: فِي قَرْيَةٍ دُوَيْنَ حِمْصَ
فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ
الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُـلُ الذِّئـْبُ الْقَاصِيَةَ )
قَالَ السَّائِبُ: يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاةِ .
فالذي يعيش وحده تأتيه الوساوس, ويفتي لنفسه, ويتكاسل في أداء عباداته
ويستبيح بعض المحرمات، يقول لك: لا شيء بها،
أنت ترى أن ليس فيها شيء، فمَن أنت؟
يقولون هذا عندنا غير جائز فمن أنتم حتى يكون لكم عند
ما هذه (عندنا)؟ ومن أنت؟ وشرع مَن هذا؟ الشرع كلام الله وسنة رسوله
هل أنت مصدر تشريعي؟ أنت عبد لله عز وجل
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً }
( سورة الأحزاب الآية: 36 )
لذلك كم مِن صديق هدَى صديقه بالمنطق؟
أقول لكم: ما هو الواجب على المهتدي؟ أنْ يهديَ أصدقاءه الذين عاشوا معه
كل أخ من أخواننا له جيران، وله أصدقاء، وله زملاء عمل ادْعُهم إلى بيتك
فأنت تستفيد إذْ تصطلح مع الله، وتُقبِل عليه، وتسعد بقربه، وتشعر أنك
تطير في السماء، ورفيقك الذي عشت معه ثلاثة عشر عامًا إنْ تركه
في ضلالاته وبُعْده ومعاصيه فأنت لست مؤمناً
فعليك أن تدعو إلى الله مَن يلوذ بك .
إذا هداك اللهُ، وتعرفتَ إليه، وسعدتَ بقربه، انْظُر إلى مَن كان معك سابقاً،
وأقرب الناس إليك زوجتك، أم أنك تمدحها على جودة طبخها،
ولكنها لا تصلي، فهل هذا مؤمن؟ يهمّك منها طبخها فحسْب، أما المؤمن
الصادق فأقرب الناس إليه زوجته، وأولاده، وأخواته البنات، وأولاد عمه،
وأولاد خالته، وجيرانه، وزملاؤه، فإذا اهتديت وسعدتَ فأسْعِدْهُم،
واجلسْ معهم جلسة، واسهرْ معهم سهرة، أعطِهم شريطًا ليسمعوه،
وهذا هو السعي الطيب، الذي قال الله تعالى في حقِّه:
{ إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً }
( سورة الإنسان الآية: 22)
إذا ذهبت إلى صديقك في طرف المدينة الآخر، وركبتَ، وانتقلتَ
من حافلة إلى حافلة، لكي تجلس معه جلسة، فتحتاج إلى جهد ووقت،
لكن الله لا يضيعُ عنده شيء
{ إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً }
( سورة الإنسان الآية: 22)
أمّا أنا فأشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
ثم طفق عمير يدعو إلى الله في مكة، حتى أسلم على يديه خلقٌ كثير,
فأنت حينما تدعو إلى الله فقد أَحْيَيْتَ مَن هديتَه حياةَ نفسٍ غالية
{ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ
فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً
وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }
( سورة المائدة الآية: 32)
يصبح المؤمنُ أُمّةً، هو وزوجته، وجيرانه .
وذاتَ مرة أكرمني اللهُ بأخ زارني في البيت، يطلب مني ألاّ أسمح لأولاده
أنْ يحضروا دروس العلم، هكذا طلب، فظللتُ أقنعه حتى صار يأتي
هو وأولاده وشركاؤه وصهره، وما بقي أحد إلا وأحضره إلى المسجد بعد أن تألق .
الرواية الثانية التي تتعلق بخبر عمير وصفوان :
هناك رواية ثانية في كتاب آخر تذكر أنّ سيدنا عمير بن وهبجاء النبي
بعد فتح مكة، وصفوان كما تعلمون ممّن أَهْدَر النبيّ دمَهم، اقتُلوهم،
ولو تعلّقوا بأستار الكعبة، هو وعكرمة بن أبي جهل ونفر آخرون،
وعمير صديق حميم وفيٌّ، ذهب إلى النبي
يا نبي الله، إنّ صفوان بن أمية سيد قومه، وقد خرج هارباً منك، ليقذف
بنفسه في البحر لينتحر، وهو خائف، لأنه مهدور الدم، مقتول، فأمنْهُ يا رسول الله،
أعطني آية يَعرف بها أمانك، أريد علامة ، فأعطاه النبي عِمامته
يا صفوان، هذه عمامة النبي، وقد أمّنك
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }
( سورة التوبة الآية: 128)
ذهب إلى صفوان وقد ولى هارباً شطر البحر لينتحر
إن رسول الله يا صفوان أفضل الناس، وأَبَرّ الناس، وأحلم الناس،
وخير الناس، عزّه عزّك، وشرفه شرفك
إني أخاف على نفسي أن يقتلني، فقد هدر دمي
فجاء صفوان النبيَّ الكريمَ، والشاهد العمامة، والكلام صحيح
إنّ هذا يزعم أنك قد أمّنتني
اجعلني بالخيار، أن أستشير عقلي شهرين
( أنت في الخيار أربعة أشهر )
يا ابن أخي ما أحلمك، وما أكرمك، وما أوصلك، وما أحكمك
هذا عمير بن وهب أراه الله عز جل أراه آية، وقد اهتدى وهدى،
وكل واحد منا له نصيب يصيبه مما يُشْبِه هذه القصة، وهذا الذي
أصابه حُجّة عليه، فعليه أن ينتبه، فهو يتعامل مع الله عز وجل