عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( المؤمن القوي خير ، و أحب إلى الله من المؤمن الضعيف
و في كلٍّ خير،احرص على ما ينفعك ، و استعن بالله و لا تَعْجَز ..
و إن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كذا، كان كذا و كذا
و لكن قل : قدَّر الله ، و ما شاء فعل ، فإن لَوْ تفتح عمل الشيطان )
رواه مسلم
هذا الحديث اشتمل على وصية جامعة ونافعة تقوم على ثلاثة أمور
1- بيان المؤمن القوي من المؤمن الضعيف
2- العمل بالأسباب و هي ثلاثة
3- الإيمان بالقضاء والقدر
أما تفسير المؤمن القوي ففيه ثلاثة أمور :
قيل المؤمن القوي قوي في أداء الفرائض قوي في أداء النوافل قوي
في ترك المحرمات قوي في ترك المكروهات فالمراد قوة الإيمان لان قوة
البدن ليس محمودة لذاتها و ضعفة ليس مذموما في ذاته وهذه يدل
على تفاوت المؤمنين في الخير من محبة الله والقيام بدينه ولكل درجات مما عملوا
}فَمِنْهُم ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَات{
والمقصود قوة الإرادة في فعل الخير و ترك الشر
وذهبت الطائفة الأخرى بان المؤمن القوي قوة في بدنه وراية وتدبيره
وقوة جسده لأنه أقوى في نكاية العدو كما في الجهاد ولذلك لما اسلم
عمر بن الخطاب عز الإسلام و قوي
في الترمذي بإسناد صحيح :
( اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك
بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب)
قال : و كان أحبهما إليه عمر
و في ابن ماجه بإسناد حسن أو صحيح :
( اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب )
فالمؤمن القوي يكسب الإسلام قوة لان نفعه متعد بخلاف المؤمن
الضعيف نفعه قاصر على نفسه و قيل المؤمن القوي قوي القلب شجاع
بحيث يكون جريئا في إنكار المنكرات وعلى النطق بالحق فلا يخشى
في الله لومة لائم بخلاف المؤمن الضعيف ضعيف القلب فلا يكون معه
شجاعة و جرأة على إنكار المنكرات فكلما قوي إيمانه قوي في الحق
والجهاد وعليه فمن اجتمعت فيه هذه الصفات كلها قوة الإيمان مع قوة
البدن والشجاعة في إنكار المنكرات كان خيرا وأحب إلى الله من المؤمن
الضعيف أما قوله و في كل خير أي كلاهما فيه إيمان وعمل صالح
حتى لا يتوهم متوهم بان المؤمن الضعيف ليس فيه خير .
ثانيا العمل بالأسباب و هي ثلاثة :
احرص على ما ينفعك أي احرص على ما ينفعك دين أو دنيا
فإذا تعارض الدين مع الدنيا فقدم منفعة الدين
لان الدين إذا صلح صلحت الدنيا
}وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {
ومن الناس من إذا تعارضت مصلحة الدين مع الدنيا قدم الدنيا على الدين
}وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا{
فبعض الناس عنده استعداد يبيع ويشتري والناس يصلون و بعضهم
يغش في البيع أو التجارة لأنه يقدم مصلحة الدنيا على الدين .
قوله استعن بالله أي بعد بذل الأسباب من الحرص على ما ينفع
لابد من الاستعانة بالله لان النتائج بيد الله فهذا بعض الناس يبذل السبب
فيتزوج فيحصل على الأولاد و الآخر يبذل السبب فيتزوج فلا يحصل
على الولد لان الأمور بيد الله .
أما قوله و لا تعجز أي ترك الإهمال والكسل والتثاقل والمراد به الصبر
على تحقيق ما ينفعك من دين أو دنيا فو الله لو سرنا وأخذنا بهذا الحديث لاسترحنا كثيرا .
قولة فان أصابك شيء أي انك بعد العمل بالأسباب الثلاثة المتقدمة