عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-13-2013, 09:17 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

6- كلمة (لَعِبًا) تكررت أيضاً أربع مرات مثل سابقتها، وهنا نجد إعجازاً
مبهراً، ولكن لنتأمل هذه الآيات الأربعة:
-} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا
مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{
[المائدة:57].
-}وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ{
[المائدة:58].
-} وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا {
[الأنعام: 70]
- }الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ {
[الأعراف: 51]
انظروا معي كيف أن الآيات الأربع تتحدث عن اتخاذ الكفار للدين لعباً،
أي أن كلمة (لَعِبًا) تأتي دوماً للتعبير عن دين الكفار وكيف يتخذون الدين
والصلاة لعباً، وينبغي أن ننتبه إلى أن كلمة(لَعِبٌ) وردت مع الدنيا وكلمة
(لَعِبًا) وردت مع الدين، وكلاهما تكرر أربع مرات، فسبحان الله!
7- كلمة (لَاعِبِينَ) تكررت مرتين في الآيات التالية:
-} وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ{
[الأنبياء:16].
- }وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ{
[الدخان:38]
وتأملوا كيف أن هذه الكلمة تأتي دوماً في نفس السياق، ولكن جاءت الآية
الأولى لتتحدث عن السماء
}وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ{
ولكي لا يظن أحد أن الله قد خلق بقية السموات لعباً، فجاءت الآية التالية
لتشمل كل السموات فقال:
} وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ{
فتأملوا هذه الدقة والشمول في تكرار الكلمات.
8- كلمة (اللَّاعِبِينَ) وردت مرة واحدة
في قوله تعالى:
}قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ{
[الأنبياء:55]
والآية جاءت في سياق قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام. إذاً هذه الكلمة
خاصة بكلام الكفار في زمن إبراهيم.
اللهو واللعب
وردت عبارة (لَعِبٌ وَلَهْوٌ) و (لَهْوٌ وَلَعِبٌ) أربع مرات في القرآن، والعجيب
أنها جميعها تتحدث عن الحياة الدنيا، وجميعها جاءت بتسلسل وتدرج
في التأكيد على حقيقة أن الحياة الدنيا هي مجرد لعب ولهو،
لنتأمل هذه الآيات الأربع:
1- يقول تعالى:
}وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
أَفَلَا تَعْقِلُونَ{
[الأنعام: 32]
تأملوا كيف بدأت هذه الآية بكلمة (وَمَا) وهي كلمة عادية تستخدم للفت
الانتباه فقط، حيث أراد الله أن يلفت انتباهنا إلى أن الدنيا هي مجرد لعب ولهو.
2- يقول تعالى:
}وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ
لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ{
[العنكبوت: 64]
وهنا جاء اسم الإشارة (هَذِهِ) ليلفت الانتباه أكثر فهو يتكلم عن حياتنا
الدنيا التي نعرفها جيداً والتي نعيشها.
3- يقول تعالى:
}إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا
يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ{
[محمد:36]
وهنا جاء التأكيد بكلمة (إِنَّمَا) ليلفت الانتباه أكثر، فنحن نعلم أن كلمة
(إن) حرف تأكيد وبالتالي يجب أن ننتبه إلى أن الحياة الدنيا بالفعل هي لهو ولعب.
4- يقول تعالى:

}اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ
فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ
فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ
وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ{
[الحديد:20]
وهنا نلاحظ أن الآية تبدأ بفعل أمر في قوله تعالى: (اعْلَمُوا) فإذا كانت
الآيات الثلاثة السابقة لم تلفت انتباهك ولم تدرك هذه الحقيقة،
فالآية الرابعة تأتي لتقول لك بصراحة بل وتأمرك
بأن تعلم أن الحياة الدنيا لعب ولهو.
والآن لاحظوا معي هذا التدرج الرائع في مستويات التأكيد على هذه الحقيقة:
1-}وَمَا الْحَيَاةُالدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ{لفت انتباه وإشارة عادية.
2-}وَمَا هَذِهِالْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ{إشارة أكبر.
3-} إِنَّمَاالْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ{ تأكيد.
4-} اعْلَمُوا أَنَّمَاالْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ{ تأكيد أكبر.
والشيء المحير أن هذه العبارة لم ترد في القرآن إلا في هذه المواضع
الأربعة وجميعها تتحدث عن الدنيا، ماذا يعني ذلك؟ ليؤكد لنا الله تعالى
على حقيقة هذه الدنيا وأنها فعلاً مجرد لهو ولعب.وسبحان الله!
نحن نعلم أن الآيات الأربعة حيث ذكر اللهو واللعب نزلت في فترات
متباعدة في مكة والمدينة، وبعد ذلك تم ترتيبها حسب ترتيب سور القرآن،
فكيف جاء هذا التسلسل العجيب؟
لابد أنه بقدرة الله تعالى، فهو الذي أنزل كتابه وهو الذي رتبه ليكون
معجزاً في كل شيء، حتى في ترتيب هذه الكلمات، وهذا الإعجاز يمكن
لكل البشر أن يروه ولا أحد ينكره ولا يحتاج لدراسة أساليب البلاغة
وقواعد اللغة، بل هو واضح وضوح الشمس، لأن كل كلمة تأتي في سياق
محدد وتستخدم استخداماً محدداً من أول القرآن وحتى آخره
فهل هذا العمل بمقدور بشر؟

رد مع اقتباس