عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-13-2013, 11:16 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

قسورة:
الأسد، معنى ذلك أن الله يشبه هذا الإنسان الغافل، هذا الإنسان المعرض،
هذا الإنسان الشارد، هذا الإنسان الذي لم يستجيب، لم يرعوِ، لم يتأثر،
لم يفعل شيئاً في حياته، هو غارق بملذاته وشهواته، هذا شبه بحمر
سمعت صوت الأسد فولت هاربة لا تلوي على شيء، المستنفرة
غير نافرة، طبعاً نَفَرَ ينفرُ نافر، هنا مستنفرة، من شدة الخوف،
أي بعضها ينفر من بعض.
هناك تجربة دقيقة جداً تعني شيئاً كثيراً،
جاؤوا بقرد وضعوه بقفص، علقوا في سقف القفص فاكهة الموز،
والقرد يحبها كثيراً، فلما تطاول ليأكل من هذه الفاكهة جاء من يضربه
وينهاه، لما تطاول ثانيةٍ جاء من يضربه وينهاه، ثالثةً رابعةً فيئس،
أدخلوا عليه قرداً آخر، فلما تطاول هذا الآخر ليأكل من هذه الفاكهة،
القرد الأول هو الذي نهاهُ وعنفه.
أحياناً الناس يخافون، من مظاهر خوفهم أنهم يُخوفون بعضهم بعضاً،
أي إذا الإنسان تكلم بكلمة حق هناك من يعترض عليه
، يقول له: ليس لك من هذا الكلام، دعك من هذا الكلام، انجُ بريشك،
الناس عندئذٍ يسهمون بتخويف بعضهم بعضاً، لذلك:
} الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ{
[سورة آل عمران]
فأنت أحياناً مشكلتك مع الناس، لو وقفت موقفاً أخلاقياً، لو وقفت موقفاً
جريئاً، لو وقفت موقفاً رائعاً، الذين يخوفونك هم الذين حولك،
} فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ{
جمع حمار، وهو حمار الوحش،
﴿ مُسْتَنْفِرَةٌ ﴾
كل حمار ينفر الآخر، ليست القضية المجموع خاف من هذا الوحش،
لا، الواحد من هؤلاء الحمر يخوف الآخر،
﴿ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾
القسورة هي الأسد.
كل إنسان أعرض عن ربه وتوجه إلى شهواته
فهو ممن تنطبق عليه الآية
لذلك أيها الأخوة
من يتمنى أن يشبه في القرآن الكريم بالحمر المستنفرة؟ هذا كلام الله،
هذا هو الحق المبين، هذا هو كلام خالق السماوات والأرض،
فكل إنسان أعرض عن ربه، وتوجه إلى شهواته،
ولم يستجيب لنداء الله عز وجل،
فهو ممن ينطبق عليه هذا الكلامُ العظيم،
} فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ* فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ {
مثلاً:
تجد إنساناً غافلاً عن الله، شارداً، غارقاً في ملذاته، في انحطاطه،
قد يشعر بألمٍ في القسم الأيسر من صدره، يذهب إلى الطبيب فإذا هي
آفة قلبية، تقربه من الموت، الهلع، والخوف، والجزع،
واختلال التوازن، شيء لا يصدق.
مرة سألت طبيب قلب مقيم في أمريكا عن حال مرضاه الذين أصيبوا
بأمراض القلب، قال لي: فزعهم عجيب، الإنسان إذا شرد عن الله،
ولم يستجب لله، ليس له عمل يقبله الله عز وجل، هذا إذا أصابه
مرض عضال انهارت معنوياته.
حدثني أخٌ كريم يعمل مضيفاً في طائرة، هذه الطائرة دخلت في سحابة
مكهربة وكانت على وشك السقوط، طبعاً تحطمت مقدمتها، تحطم زجاج
الطيار، واختل توازنها، وكانت على وشك السقوط، يصف لي ركاب
الطائرة وصفاً لا يصدق، أكثرهم يضربُ وجهه بيديه، بعضهم مزق ثيابه،
بعضهم صاح: يا ويلتاه، أي وضع الركاب وضع مخيف، فاضطراب
الركاب سبب ضغطاً على الطيار، فطلب من بعض المضيفين أن يهدئهم،
فقال له: لا أحد يستجيب لي، فأجابه: ابحث عن إنسان هادئ، فوجد إنساناً
هادئاً فقال: هذا أنسب إنسان، فقال له: قم وأعن الطيار على تهدئة
الركاب، وجده مغمىً عليه، هذا الوحيد.
} فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ* فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ {
أي إنسان درس وتعلم ولم يعبأ بمنهج ربه
فهذا مثله عند الله كمثَلِ الْحِمَارِ :
مثل آخر،
قال تعالى:
}مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً{
[سورة الجمعة الآية:5]
بربك، ائتِ بحمار وعلى ظهره كتاب بالفيزياء، كتاب بالفلك،
كتاب بالإعجاز العلمي، كتاب بالطب، كتاب بالفلسفة، وسر به ساعة
من الزمن، ثم اسأله سؤالاً عن الفلك، عن المجرات، عن الأبعاد الفضائية،
عن الشمس، عن القمر، أو اسأله سؤالاً بالفيزياء، عن الطاقة، أو المادة،
أو تحول ذاتهما، أو اسأله سؤالاً بالكيمياء، أو اسأله سؤالاً بالرياضيات،
بماذا يجيبك؟
} مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً
بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {
[سورة الجمعة الآية:5]
فأي إنسان درس وتعلم ونال شهادات عليا، وعاش لشهواته، وحظوظه،
ولم يعبأ لا بمنهج، ولا بدين، ولا بحلال، ولا بحرام، هذا مثله
عند الله عز وجل
} كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً {
مرة ذكرت في الخطبة كلمة حمار، فهناك إنسان لم يرتح لهذه الكلمة،
ولم يرَ بها صواباً، لا يقال على المنبر كلمة حمار، فقلت له:
من قال لك ذلك؟ الله عز وجل بالقرآن ذكر كلمة حمار في كتابه لكريم،
}مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً
بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {
لكن بالمناسبة البشر، بل علماء بني البشر، أو نخب بني البشر،
أو أذكى أذكياء بني البشر، لا يستطيعون أن يتنبؤا بالزلزال ولا قبل ثانية واحدة
بينما الحمار يتنبأ به قبل عشرين دقيقة، في زلزال تسونامي هناك قبيلة
نجت بأكملها، حينما رأت الحمير قبل عشرين دقيقة من الزلزال
تفر نحو الجبل فلحقت الحمير فنجت.
لحكمة بالغة
إنسان معه دكتوراه، معه أعلى شهادة، لا يستطيع التنبؤ
ولا قبل ثانية بالزلزال، بينما الحمار يتنبأ به قبل عشرين دقيقة.
جزا الله تعالى كل الخير
للشيخ الفاضل محمد النابلسي
والاخوة القائمين على هذا العمل الطيب
وتقديمه لاخوانهم المسلمين
في الله اخوكم مصطفى الحمد

رد مع اقتباس