حَدَّثَنَاقُتَيْبَةُوَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍوَأَبُو عَمَّارٍوَغَيْرُ وَاحِدٍ
قَالُوا حَدَّثَنَاسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَعَنْالزُّهْرِيِّ
رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُم أجمعين
عَنْسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ
) أَنَّعُمَرَكَانَ يَقُولُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ
زَوْجِهَا شَيْئًا حَتَّى أَخْبَرَهُالضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ وَرِّثْ امْرَأَةَ
أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّمِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا)
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ
قَوْلُهُ : ( الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ )
قَالَالْجَزَرِيُّفِي النِّهَايَةِ : قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْعَقْلِ وَالْعُقُولِ وَالْعَاقِلَةِ
أَمَّا الْعَقْلُ فَهُوَ الدِّيَةُ ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْقَاتِلَ كَانَ إِذَا قَتَلَ قَتِيلًا جَمَعَ الدِّيَةَ
مِنَ الْإِبِلِ فَعَقَلَهَا بِفِنَاءِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ أَيْ : شَدَّهَا فِي عُقُلِهَا لِيُسَلِّمَهَا إِلَيْهِمْ
وَيَقْبِضُوهَا مِنْهُ فَسُمِّيَتِ الدِّيَةُ عَقْلًا بِالْمَصْدَرِ ، يُقَالُ : عَقَلَ الْبَعِيرَ يَعْقِلُهُ عَقْلًا
وَجَمْعُهَا عُقُولٌ ، وَكَانَ أَصْلُ الدِّيَةِ الْإِبِلَ ، ثُمَّ قُوِّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَغَيْرِهَا ، والْعَاقِلَةُ هِيَ الْعَصَبَةُ وَالْأَقَارِبُ مِنْ قِبَلِ
الْأَبِ الَّذِينَ يُعْطُونَ دِيَةَ قَتِيلِ الْخَطَأِ ، وَهِيَ صِفَةُ جَمَاعَةٍ عَاقِلَةٍ وَأَصْلُهَا
اسْمُ فَاعِلَةٍ مِنَ الْعَقْلِ ، وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ . انْتَهَى
( حَتَّى أَخْبَرَهُ ) أَيْ : عُمَرَرَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ
( الضَّحَّاكُ ) بِتَشْدِيدِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ
( ابْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ )
بِكَسْرِ الْكَافِ صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ كَانَ مِنْعُمَّالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ : يُقَالُ إِنَّهُ كَانَ بِشَجَاعَتِهِ يُعَدُّ بِمِائَةِ فَارِسٍ
وَكَانَ يَقُومُ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ
( أَنْ ) مَصْدَرِيَّةٌ ، أَوْ تَفْسِيرِيَّةٌ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ فِيهَا مَعْنَى الْقَوْلِ
( وَرِّثْ ) أَمْرٌ مِنَ التَّوْرِيثِ أَيْ : إِعْطَاءِ الْمِيرَاثِ
( امْرَأَةَأَشْيَمَ)بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَسُكُونِ شِينٍ مُعْجَمَةٍ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌمَفْتُوحَةٌ ،
وَكَانَ قُتِلَ خَطَأً فَإِنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُمَالِكٌمِنْ رِوَايَةِابْنِ شِهَابٍعَنْعُمَرَ
وَزَادَ قَالَابْنُ شِهَابٍ، وَكَانَ قَتْلَهُمْ أَشْيَمَ خَطَأً
( الضِّبَابِيِّ ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ الْأُولَى مَنْسُوبٌ
إِلَى ضِبَابٍ قَلْعَةٌ بِالْكُوفَةِ ، وَهُوَ صَحَابِيٌّ ذَكَرَهُابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ،
وَغَيْرُهُ فِي الصَّحَابَةِ
( مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا ) زَادَ فِي رِوَايَةِأَبِي دَاوُدَ
فَرَجَعَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُأَيْ :
عَنْ قَوْلِهِ : لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَأَخْرَجَهُأَحْمَدُ،وَأَبُو دَاوُدَ،وَالنَّسَائِيُّ
قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ )
قَالَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ لِلْمَقْتُولِأَوَّلًا
ثُمَّ تَنْتَقِلُ مِنْهُ إِلَى وَرَثَتِهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ ،وهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَرُوِيَ عَنْعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يُوَرِّثُ الْإِخْوَةَ مِنَ الْأُمِّ ،
وَلَا الزَّوْجَ ، وَلَا الْمَرْأَةَ مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا ، كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وقَالَالْخَطَّابِيُّ : وَإِنَّمَا كَانَعُمَرُيَذْهَبُ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ إِلَى ظَاهِرِ الْقِيَاسِ
وَذَلِكَ أَنَّ الْمَقْتُولَ لَا تَجِبُدِيَتُهُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ ، وإِذَا مَاتَ بَطَلَ مِلْكُهُ
فَلَمَّا بَلَغَتْهُ السُّنَّةُ تَرَكَ الرَّأْيَ وَصَارَ إِلَى السُّنَّةِ . انْتَهَى
قُلْتُ : مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ هُوَ الْحَقُّ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ
وفِي الْبَابِ حَدِيثَانِ آخَرَانِ ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْمُنْتَقَى فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ .