الأخت / بنت الحرمين الشريفين
} فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً {
فجعل الله نقض العهد معه سببا رئيسا لقسوة القلب ،
} وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ
وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ
وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ
إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ
وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ {
فتأمل هذه القصة وهي أن هؤلاء القوم عاهدوا الله إن آتاهم من فضله أن
يتصدقوا مما آتاهم ، ولكن لما آتاهم الله من فضله نكصوا على أعقابهم ،
وغدروا في ما عاهدوا ، فكانت العقوبة أن أعقبهم الله تعالى نفاقا دائما
في قلوبهم يبقى معهم حتى الممات ، وهذا وعيد مخيف يرتعد منه المرء
إن هو خالف ما سبق وأن عاهد ربه عليه أن يصل إلى ما انحدر إليه
هؤلاء المنافقون ، فإن قانون التماثل لا يتخلَّف ولا يتبدَّل ، فإن فعلنا مثل
ما فعل أسلافنا من الأمم والأقوام السابقة وصلنا إلى ما وصلوا إليه خيرا
كان أو شرا ، وما ربك بظلام للعبيد.
إن منا من إذا نزلت به بلية أو مرض أو احتاج ربه في حل مشكلة ألمَّت به
أناب وخضع وتاب وخشع ، وعاهد الله لئن كشف الله عنه ما هو فيه
ليفعلن وليكونن ، ثم لا يكون بعدها إلا التولي يوم الزحف ، وإخلاف الوعد
مع البشر من نواقض المروءة ؛ فكيف بنقض العهد مع الله؟! لذا يشتد
غضب الله على هذا المستهين بربه ، فيضرب على قلبه القسوة والنفاق.
أعرف رجلا كان أبعد ما يكون عن الله ، لكنه ابتُلي بمرض عضال
فصار المسجد بيته ، والقرآن نطقه ، وأقبل على الصلاة بعد أن هجرها
دهرا ، وأشرقت عيناه بدمع الندم بعد أن ولى زمان الجدب ؛ حتى شفاه
الله وأخذ بيديه إلى العافية ، فرجع إلى سابق عهده ناكثا مدبرا
دون أن يدرك قبح فعلته وهول غدرته
فماذا كانت النتيجة؟! تيه في دروب الحياة وقسوة أشد
وبعدا أكثر عن ساحل النجاة ، حتى يتوفاه الموت
منقول