وَقَدْ رَوَى عَبْد الْغَنِيّ بْن سَعِيد عَنْ مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن
عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس وَعَنْ مُوسَى
عَنْ مُقَاتِل عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس شَيْئًا اللَّه أَعْلَم بِصِحَّتِهِ قَالَ :
( هُوَ الرَّان الَّذِي يَكُون عَلَى الْفَخِذَيْنِ وَالسَّاق وَالْقَدَم
وَهُوَ الَّذِي يُلْبَس فِي الْحَرْب .
قَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ : الرَّان : الْخَاطِر الَّذِي يَخْطِر بِقَلْبِ الرَّجُل )
[ وَهَذَا مِمَّا لَا يَضْمَن عُهْدَة صِحْته ]
فَأَمَّا عَامَّة أَهْل التَّفْسِير فَعَلَى مَا قَدْ مَضَى ذِكْرُهُ قَبْل هَذَا .
وَكَذَلِكَ أَهْل اللُّغَة عَلَيْهِ يُقَال : رَانَ عَلَى قَلْبه ذَنْبه يَرِين رَيْنًا وَرُيُونًا أَيْ غَلَبَ .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله :
{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }
[ كُلّ مَا غَلَبَك [ وَعَلَاك ] فَقَدْ رَانَ بِك وَرَانَك وَرَانَ عَلَيْك ]
وَكَمْ رَانَ مِنْ ذَنْب عَلَى قَلْب فَاجِر فَتَابَ مِنْ الذَّنْب الَّذِي رَانَ وَانْجَلَى
وَرَانَتْ الْخَمْر عَلَى عَقْله . أَيْ : غَلَبَتْهُ وَرَانَ عَلَيْهِ النُّعَاس إِذَا غَطَّاهُ .
وَمِنْهُ قَوْل عُمَر فِي الْأُسَيْفِع أُسَيْفِع جُهَيْنَة : فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ .
أَيْ : غَلَبَتْهُ الدُّيُون وَكَانَ يُدَان .
وَمِنْهُ قَوْل أَبِي زُبَيْد : يَصِف رَجُلًا شَرِبَ حَتَّى غَلَبَهُ الشَّرَاب سُكْرًا .
فَقَالَ : ثُمَّ لَمَّا رَآهُ رَانَتْ بِهِ الْخَمْر , وَأَنْ لَا تَرِينَهُ بِاتِّقَاءِ
فَقَوْله : رَانَتْ بِهِ الْخَمْر . أَيْ : غَلَبَتْ عَلَى عَقْله وَقَلْبه .
قَدْ أَرَانَ الْقَوْم فَهُمْ مُرِينُونَ إِذَا هَلَكَتْ مَوَاشِيهمْ وَهَزَلَتْ
وَهَذَا مِنْ الْأَمْر الَّذِي أَتَاهُمْ مِمَّا يَغْلِبهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ اِحْتِمَاله .
قَالَ أَبُو زَيْد يُقَال :قَدْ رِينَ بِالرَّجُلِ رَيْنًا ,
إِذَا وَقَعَ فِيمَا لَا يَسْتَطِيع الْخُرُوج مِنْهُ وَلَا قِبَل لَه ُ.
وَقَالَ أَبُو مُعَاذ النَّحْوِيّ :
الرَّيْن : أَنْ يَسْوَدّ الْقَلْب مِنْ الذُّنُوب
وَالطَّبْع أَنْ يُطْبَع عَلَى الْقَلْب وَهَذَا أَشَدّ مِنْ الرَّيْن وَالْإِقْفَال أَشَدّ مِنْ الطَّبْع .
الزَّجَّاج : الرَّيْن : هُوَ كَالصَّدَأِ يُغْشِي الْقَلْب كَالْغَيْمِ الرَّقِيق وَمِثْله الْغَيْن .
يُقَال : غِينَ عَلَى قَلْبه , غُطِّيَ .وَالْغَيْن : شَجَر مُلْتَفّ الْوَاحِدَة غَيْنَاء
أَيْ : خَضْرَاء كَثِيرَة الْوَرَق مُلْتَفَّة الْأَغْصَان .
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْل الْفَرَّاء : إِنَّهُ إِحَاطَة الذَّنْب بِالْقُلُوبِ .
وَعَنْ ابو هريرة رضى الله عنه قال :
( رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ )
أَيْ : غَطَّى عَلَيْهَا . وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّه .
وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَالْأَعْمَش وَأَبُو بَكْر وَالْمُفَضَّل " رَانَ " بِالْإِمَالَةِ ,
لِأَنَّ فَاءَ الْفِعْل الرَّاء وَعَيْنه الْأَلِف مُنْقَلِبَة مِنْ يَاء فَحَسُنَتْ الْإِمَالَة لِذَلِكَ .
وَمَنْ فَتَحَ فَعَلَى الْأَصْل ;
لِأَنَّ بَاب فَاء الْفِعْل فِي ( فَعَلَ ) الْفَتْح مِثْل كَالَ وَبَاعَ وَنَحْوه .
وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد وَأَبُو حَاتِم وَوَقَفَ حَفْص " بَلْ "
ثُمَّ يَبْتَدِئ " رَانَ " وَقْفًا يُبَيِّن اللَّام لَا لِلسَّكْتِ .
الفقير الي الله عبد العزيز