عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-06-2013, 08:20 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي

سيدنا عمر بن الخطاب فيما يروي التاريخ كان متألماً جداً من هذا
الموقف، وبالمناسبة الصحابة مع عُلوّ شأنهم، ومع سبقهم، وتفوقهم,
هل هم معصومون؟ لا ليسوا معصومين، لكن النبي عليه الصلاة والسلام معصوم،
والقاعدة الشهيرة:
أن النبي عليه الصلاة والسلام معصوم بمفرده،
لكن أمته معصومة بمجموعها .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
كان سيدنا سالم مولى أبي حذيفة مع سيدنا خالد في هذه الواقعة, ولم يكد
سالم يرى صنيع خالد حتى واجهه بمناقشة حامية، سيدنا خالد القائد،
القرشي، البطل، العظيم في الجاهلية ، وفي الإسلام، ينصت مرةً إلى
سيدنا سالم، عبد رقيق يناقش قائد جيش, وهذا القائد يصغي إليه، ويعتذر له
ويبين وجهة نظره تارةً, ويسكت تارةً، ويشتد في القول سالم،
وسالم مستمسك برأيه يعلنه في غير تهيب أو مداراة،
الإسلام سوّى بينهما، سوّى بين خالد وبين سالم، سالم عبد رقيق،
وخالد من وجهاء قريش لكن لا شك أن سيدنا سالم
ما عارضه حباً في المعارضة, وفي زماننا
المعارضة هي الهدف، إثبات وجود عملية إزعاج، عملية تحجيم،
عملية تجريح، عملية كيد, عمليــة تفوق، يعني أهداف خسيسة جداً،
الأهداف خسيسة لخساسة النفوس .
شخص قال لآخر: والله أنا أود أن أحضر المولد في هذا الجامع, قال له
صاحبه: لِمَ؟ فقال له: والله القائم على المولد له خصومة مع فلان,
فأنا كيداً لفلان سألبي دعوتــه، الله يعطيه العافية على هذه التلبية،
تلبية هذه الدعوة فقط ليكيد فلاناً، دعوة عيد مولد من أجل المكايدة
إنها مستويات متدنية جداً بالمجتمع .
أما القاعدة الأساسية, إذا عز أخوك فهن أنت، وما المانع؟ أنت في مجلس
وأخوك أنطلق بالحديث، أيده, من علامات الإخلاص القاطعة,
أن المخلص لله دائماً يغلّب مصلحة المسلمين على مصلحته الشخصية،
ففي اللحظة التي تغلّب فيها مصلحتك الشخصية على مصلحة المسلمين
العامة فهذا دليل عدم إخلاصك، وهو دليل قطعي .
يروي التاريخ أن رجلاً جاء لسيدنا الصديق، إذ عرضت له قضية فأراد
سيدنا الصديق أن يأخذ رأي سيدنا عمر
ألم يقل الله عز وجل:
} وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ{
( سورة آل عمران الآية: 159 )
فقال سيدنا الصديق للرجل: أعرضها على عمر, يبدو أن عمر رفض الأمر
من عنده وحسمه، فهذا الشخص صاحب الحاجة وقع في حرج شديد،
وقع في غيظ شديد، فتوجه إلى سيدنا الصديق، وأراد أن يوقع بينهما,
فقال له: الخليفة أنت أم هو؟ فأجابه إجابة رائعة,
قال له : هو إذا شاء ولا فرق بيننا .
في أحد الغزوات تفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة
فقال أحدهم:
( يا رسول الله! شغلته البساتين, والظلال، والفواكه، فتصدى له صحابي
آخر, و قال له: لا والله، ثم قال: والله يا رسول الله! لقد تخلف عنك أناسٌ
ما نحن بأشد حباً لك منهم، ولو علموا أنك تلقى عدواً ما تخلفوا عنك،
تبسم النبي عليه الصلاة والسلام، وفرح بهذا الدفاع )
يجب أن تدافع عن أخيك، أيغتاب أخ لك وتظل ساكتاً؟ أمعقول أن يأكل
المؤمن مالاً ليس له؟ فالمواقف الانهزامية عديدة, وأنت تعلم علم اليقين
أنه مستقيم، ونظيف، وبريء، وطاهر، وورع، وعفيف، فادفع عن أخيك
المؤمن، من دون أن تخش بالله لومة لائم .
محور القصة :
الحقيقة أن هذه القصة مهمة جداً، فمركز القصة أو محورها، أو بيت
القصيد فيها، أو مركز الثقل فيها، أن النبي عليه الصلاة والسلام
حينما بلغه صنيع خالد بن الوليد سأل, وقال:
( هل أنكر عليه أحد؟ فقالوا له: نعم راجعه سالم وعارضه،
فارتاح النبي عليه الصلاة والسلام )
فلماذا أرتاح النبي؟ هل عندكم إجابة؟ نعم لا تجتمع أمتي على ضلالة،
فلو سكت سالم لاجتمع القوم على ضلالة، وهذا يتنافى مع مجتمع
المسلمين, لكن اليهود وصفهم الله عز وجل بأنهم:
}كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ{
( سورة المائدة الآية: 79 )
جيد، طبعاً الإجابة بالعكس، إذ كان أصحاب النبي يتناهون عن أي منكر
فعلوه, لأنه وجد من بين أصحابه من لا يخافه، يعني النبي الكريم ربىّ
أصحابه تربية المراجعة، تربية الجرأة, وتربية النقد البناء، وتربية عدم
قبول الخطأ، وتربية إنكار المنكر, فلما رأى النبي أن أحد أصحابه راجع
سيدنا خالداً ارتاح عليه الصلاة والسلام، يعني التربية صحيحة،
أما لو ورباهم على الخضوع، رباهم على النفاق، لِما وجد من يناقش القائد .
الكتاب والسنة هما مرجعية المسلم
في وضع المقاييس والموازين العلمية :
أما سيدنا عمر، والقصة معروفة عندكم، فقد كان بين أصحابه
واحد أراد أن يتقرب منه بمدحه, قال له:
( والله يا أمير المؤمنين، ما رأينا أفضل منك بعد رسول الله
فسيدنا عمر نظر إليهم مغتاظاً، وتفرس في وجوههم واحداً واحداً
إلى أن قال أحدهم: لا والله، لقد رأينا من هو خير منك, قال له: من هو؟
قال له: أبو بكر، فقال سيدنا عمر: كذبتم جميعاً وصدق
سيدنا عمر عد سكوتهم كذباً )
مجرد سكوتهم كذباً، قال:
( والله كنت أضل من بعيري, وكان أبو بكر أطيب من ريح المسك )
فأنت ممكن أن تربي أخوانك على الخنوع، والسكوت، وعدم الاعتراض،
والنفاق، والمديح الكاذب، وممكن أن تربّي أخوانك على الجرأة,
والنقد البناء، والمعارضة، بل يجب ألا تقبلوا شيئاً ليس مؤيداً بالدليل,
وبهذا فالإسلام يعطي للناس مقياساً دقيقاً، يقيسون فيه الأمور وفق الكتاب والسنة
قال تعالى:
}لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً{
( سورة الكهف الآية: 71)
وعندنا دليل في كتاب الله تعالى, واقعية سيدنا الخضر مع سيدنا موسى
عليه الصلاة والسلام, فقد قبل الخضر منه واستمهله، والله عز وجل
في هذه القصة يمدح سيدنا موسى، فلما عرف أنه ما فعله إلا عن أمر الله
وبين الحكمة، سكت .
معناها أنت يجب أن تبنى بناء صحيحاً، بناء على أسس سليمة,
بناء على موازين، على مناهج، على مقاييس، وليس السماع
وتصديق كل شيء, لا،
وهذا يؤكده قول النبي عليه الصلاة والسلام:

رد مع اقتباس