حَدَّثَنَامُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍحَدَّثَنَاأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّحَدَّثَنَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِعَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ
عَنْإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَرَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُم أجمعين
عَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
( مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ (
قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ عَلِيٍّ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَر
َ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُم أجمعين
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُما
حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ
لِلرَّجُلِ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ
وَقَالَابْنُ الْمُبَارَكِيُقَاتِلُ عَنْ مَالِهِ وَلَوْ دِرْهَمَيْنِ
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَاعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ)
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ أَبُو طَالِبٍالْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ مِنَ السَّابِعَةِ .
قَوْلُهُ : ( وفِي الْبَابِعَنْعَلِيٍّوَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍوَأَبِي هُرَيْرَةَ
وَابْنِ عُمَرَوَابْنِ عَبَّاسٍوَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُم أجمعين)
أَمَّا حَدِيثُعَلِيٍّفَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ ، وأَمَّا حَدِيثُسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ
فَأَخْرَجَهُالتِّرْمِذِيُّفِي هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقَيْنِ ، وأَمَّا حَدِيثُ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُفَأَخْرَجَهُمُسْلِمٌ،وَأَحْمَدُعَنْهُ
قَالَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ :
( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي
قَالَ : فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ ، قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي ؟
قَالَهُ : قَاتِلْهُ ، قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي
قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ
قَالَ : هُوَ فِي النَّارِ)
وفِي لَفْظِأَحْمَدَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عُدِيَ عَلَى مَالِي ؟ قَالَ :
انْشُدِ اللَّهَ ، قَالَ : فَإِنْ أَبَوْا عَلَيَّ قَالَ : انْشُدِ اللَّهَ ، قَالَ : فَإِنْ أَبَوْا عَلَيَّ ،
قَالَ : قَاتِلْ فَإِنْ قُتِلْتَفَفِي الْجَنَّةِ ، وَإِنْ قَتَلْتَ فَفِي النَّارِ
وَأَمَّا حَدِيثُابْنِ عُمَرَرَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُما فَأَخْرَجَهُالْبَيْهَقِيُّ
وَقَدْ أَخْرَجَأَحْمَدُ،وَالنَّسَائِيُّ،وَأَبُو دَاوُدَ،وَالْبَيْهَقِيُّ،وَابْنُ حِبَّانَ
مِنْ حَدِيثِأَبِي هُرَيْرَةَرَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِقَتَادَةَعَنِالنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ
عَنْبَشِيرِ بْنِ نَهِيَكَعَنْهُ بِلَفْظِ : وَلَا قِصَاصَ ، وَلَا دِيَةَ
وفِي رِوَايَةٍلِلْبَيْهَقِيِّمِنْ حَدِيثِابْنِ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمامَا كَانَ
عَلَيْكَ فِيهِ شَيْءٌ ، كَذَا فِي النَّيْلِ ، وأَمَّاحَدِيثُابْنِ عَبَّاسٍ
وَجَابِر رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُم أجمعينفَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍوحَدِيثٌ حَسَنٌ )
وَأَخْرَجَهُالْبُخَارِيُّ،وَمُسْلِمٌ . اعْلَمْ أَنَّ الْحَافِظَ قَدْ تَعَقَّبَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ
مِنَالتَّلْخِيصِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ حَدِيثَابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ،
وقَالَ : إِنَّهُ مِنْ أَفْرَادِالْبُخَارِيِّ، وفِي هَذَا التَّعَقُّبِ نَظَرٌ ؛ فَإِنَّ الْحَدِيثَ
فِي صَحِيحِمُسْلِمٍ، وفِيهِ قِصَّةٌ ، وَقَدِ اعْتَرَفَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي كِتَابِ
الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ بِأَنَّمُسْلِمًاأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِابْنِ عَمْرٍو
وَذَكَرَ الْقِصَّةَ ، قَالَهُالشَّوْكَانِيُّفِي النَّيْلِ
قَوْلُهُ : ( وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَخْ )
وَهُوَ الْحَقُّ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ .
( قَالَابْنُ الْمُبَارَكِيُقَاتِلُ عَنْ مَالِهِ ، وَلَوْ دِرْهَمَيْنِ ) أَيْ : وَلَوْ كَانَ دِرْهَمَيْنِ
لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ
قَالَالشَّوْكَانِيُّ : وَأَحَادِيثُ الْبَابِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تَجُوزُمُقَاتَلَةُ مَنْ أَرَادَ
أَخْذَ مَالِ إِنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إِذَا كَانَ الْأَخْذُ بِغَيْرِ حَقٍّ ،
وَهُوَ مَذْهَبُالْجُمْهُورِ كَمَا حَكَاهُالنَّوَوِيُّ، وَالْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
وقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إِنَّ الْمُقَاتَلَةَ وَاجِبَةٌ
وقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ : لَا تَجُوزُ إِذَا طَلَبَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ
ولَعَلَّ مُتَمَسَّكُ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ مَا فِي حَدِيثِأَبِي هُرَيْرَةَرَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ
مِنَ الْأَمْرِ بِالْمُقَاتَلَةِ ، وَالنَّهْيِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ إِلَى مَنْ رَامَ غَصْبَهُ ،
وأَمَّا الْقَائِلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي الشَّيْءِ الْخَفِيفِ فَعُمُومُ أَحَادِيثِ الْبَابِ تَرُدُّ عَلَيْهِ
وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ فَلَا يَعْدِلُ الْمُدَافِعُ إِلَى الْقَتْلِ مَعَ إِمْكَانِ
الدَّفْعِ بِدُونِهِ ، ويَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنْشَادِ اللَّهِ قَبْلَ الْمُقَاتَلَةِ
وَكَمَا تَدُلُّ الْأَحَادِيثُ عَلَى جَوَازِ الْمُقَاتَلَةِ لِمَنْ أَرَادَ أَخْذَ الْمَالِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ
الْمُقَاتَلَةِ لِمَنْ أَرَادَ إِرَاقَةَ الدَّمِ وَالْفِتْنَةَ فِي الدِّينِ وَالْأَهْلِ
وحَكَىابْنُ الْمُنْذِرِعَنِالشَّافِعِيِّأَنَّهُ قَالَ : مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ ، أَوْ نَفْسُهُ ،
أَوْ حَرِيمُهُ فَلَهُ الْمُقَاتَلَةُ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَقْلٌ ، وَلَا دِيَةٌ ، وَلَا كَفَّارَةٌ
قَالَابْنُ الْمُنْذِرِ : وَالَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْفَعَعَمَّا ذُكِرَ
إِذَا أُرِيدَ ظُلْمًا بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ ، إِلَّا أَنَّ كُلَّ مَنْيُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ
كَالْمُجْمِعِينَ عَلَى اسْتِثْنَاءِالسُّلْطَانِ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِ
وَتَرْكِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ . انْتَهَى
ويَدُلُّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِالْقَوَدِ وَالدِّيَةِ فِي قَتْلِ مَنْ كَانَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ
مَاذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ
وحَمَلَالْأَوْزَاعِيُّأَحَادِيثَالْبَابِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي لِلنَّاسِ فِيهَا إِمَامٌ
وَأَمَّا حَالَةُ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ فَلْيَسْتَسْلِمْ الْمَبْغِيُّ عَلَى نَفْسِهِ
وَمَالِهِ ، وَلَا يُقَاتِلُ أَحَدًا
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ حَدِيثُأَبِي هُرَيْرَةَرَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ
عِنْدَمُسْلِمٍيَعْنِي : الْحَدِيثَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِالتِّرْمِذِيُّوَذَكَرْنَا لَفْظَهُ