قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَعِنْدَمُسْلِمٍمِنْ رِوَايَةِاللَّيْثِعَنْيَحْيَىعَنْبُشَيْرٍعَنْسَهْلٍ
قَالَيَحْيَى : وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ : وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍأَنَّهُمَا قَالَا :
خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍإِلَخْ ، وقَالَ : وفِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَةِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ
عَنْيَحْيَىعَنْبُشَيْرٍعَنْسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَوَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ
أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍإِلَخْ
( أَنَّهُمَا ) أَيْ : سَهْلًا وَرَافِعًا (
) وَمُحَيِّصَةُ ( بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، وَكَسْرِ التَّحْتَانِيَّةِ
الْمُشَدَّدَةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ
( أَقْبَلَ ) وفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَأَقْبَلَ
(وَحُوَيِّصَةُ ( بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مُصَغَّرًا
وَقَدْ رُوِيَ التَّخْفِيفُ فِيهِ ، وفِيمُحَيِّصَةَ
) قَبْلَ صَاحِبِهِ ) وفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ صَاحِبَيْهِ ، وَهُوَالظَّاهِرُ
( كَبِّرْ الْكُبْرَ ) الْأَوَّلُ أَمْرٌ مِنَ التَّكْبِيرِ وَالثَّانِي بِضَمِّ الْكَافِ
وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ : قَدِّمْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ وَأَسَنُّ بِالْكَلَامِ
إِرْشَادٌ إِلَى الْأَدَبِ
( مَقْتَلَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ ( أَيْ : قَتْلَهُ
( فَقَالَ لَهُمْ أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا ) وفِي رِوَايَةٍ عِنْدَمُسْلِمٍ
يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ
) صَاحِبَكُمْ ، أَوْ قَاتِلَكُمْ ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي
( قَالَ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا ) وفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ
فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ فِي أَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ
أَيْ : يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنَ الْيَهُودِ فَتُبَرِّئُكُمْ مِنْ أَنْ تَحْلِفُوا
( أَعْطَى عَقْلَهُ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ :
دِيَتَهُ . زَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ عِنْدِهِ ، وفِي رِوَايَةٍلِلْبُخَارِيِّ :
فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطَلَّ دَمُهُ
فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَلَطٌ مِنْسَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ
لِتَصْرِيحِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍبِقَوْلِهِ : مَنْ عِنْدَهُ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ
الرِّوَايَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ
بِمَالٍ دَفَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ
أَوِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِنْ عِنْدِهِ أَيْ : بَيْتِ الْمَالِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ
وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ صَدَقَةً بِاعْتِبَارِ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَجَّانًا لِمَا فِي ذَلِكَ
مِنْ قَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ ، وقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ
فَحَكَىالْقَاضِي عِيَاضٌعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ جَوَازَ صَرْفِ الزَّكَاةِ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ
وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَغَيْرِهِ
قَالَ الْحَافِظُ : وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي الْكَلَامِ
عَلَى حَدِيثِأَبِي لَاسٍقَالَحَمَلَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِبِلٍ
مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فِي الْحَجِّ
وعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْعِنْدِيَّةِ كَوْنُهَا تَحْتَ أَمْرِهِ وَحُكْمِهِ . انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ )
قَالَالْقَاضِي عِيَاضٌ : هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرْعِ
وَقَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْأَحْكَامِ ، وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ مَصَالِحِ الْعَبْدِ
وَبِهِ أَخَذَ كَافَّةُ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ
وَعُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَالْحِجَازِيِّينَوَالشَّامِيِّينَوَالْكُوفِيِّينَ
وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي صُورَةِ الْأَخْذِ بِهِ ، وَرُوِيَ التَّوَقُّفُ عَنِ الْأَخْذِ بِهِ
عَنْ طَائِفَةٍ فَلَمْ يَرَوُا الْقَسَامَةَ ، وَلَا أَثْبَتُوا بِهَا فِي الشَّرْعِ حُكْمًا
وهَذَا مَذْهَبُالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَأَبِي قِلَابَةَوَسَالِمِ بْنِعَبْدِ اللَّهِوَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
وَقَتَادَةَوَمُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍوَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ وَإِلَيْهِ يَنْحُوالْبُخَارِيُّ
ورُوِيَ عَنْعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِبِاخْتِلَافٍ عَنْهُ
قَالَ الْحَافِظُ : وَهَذَا يُنَافِي مَا صَدَّرَ بِهِ كَلَامَهُ أَنَّ كَافَّةَ الْأَئِمَّةِ أَخَذُوا بِهَا
وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَمَّنْ لَمْ يَقُلْ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ . انْتَهَى .
)وَقَدْ رَأَى بَعْضُ فُقَهَاءِالْمَدِينَةِالْقَوَدَ بِالْقَسَامَةِ إِلَخْ )
اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْقَسَامَةِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ
بِهَا أَمْ لَا ؟ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ : يَجِبُ ، وهُوَ قَوْلُمَالِكٍ،وَأَحْمَدَوَإِسْحَاقَ
وَقَوْلُالشَّافِعِيِّفِي الْقَدِيمِ ، وقَالَ الْكُوفِيُّونَوَالشَّافِعِيُّفِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ :
لَا يَجِبُ ، بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ ، واخْتَلَفُوا فِي مَنْ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ
فَقَالَمَالِكٌوَالشَّافِعِيُّوَالْجُمْهُورُ : يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ وَيَجِبُ الْحَقُّ بِحَلِفِهِمْ
وقَالَ أَصْحَابُأَبِي حَنِيفَةَيُسْتَحْلَفُ خَمْسُونَ مِنْأَهْلِالْمَدِينَةِ
وَيَتَحَرَّاهُمْ الْوَلِيُّ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ : مَا قَتَلْنَاهُ ، وَمَا عَلِمْنَا قَاتِلَهُ
فَإِذَا حَلَفُوا قَضَى عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ
وَعَلَى عَاقِلَتِهِمْ بِالدِّيَةِ ، كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ نَقْلًا عَنِالنَّوَوِيِّ .