هو الذى ينفذ مشيئته فى مملكته كيف يشاء و كما يشاء
ايجادا و اعداما و ابقاء وافناء
و الملك ها هنا بمعنى المملكه و المالك بمعنى القادر التام القدره
و الموجودات كلها مملكه واحده و هو مالكها و قادرها
و انما كانت الموجودات كلها مملكه واحده لانها مرتبطه بعضها ببعض
فانها و ان كانت كثيره من وجه ، فله وحده من وجه
و مثاله
بدن الانسان فانه مملكه لحقيقة الانسان وهى اعضاء كثيره مختلفه
و لكنها كالمتعاونه على تحقيق غرض مدبر واحد
فكانت مملكة واحده فكذلك العالم كله كشخص واحد و اجزاء العالم كأعضائه
و هى متعاونه على مقصود واحد و هو اتمام الخير الممكن وجوده ،
على ما أقتضاه الجود الإلهى
و لأجل انتظامها على ترتيب متسق و ارتباطها برابطة واحده
كانت مملكة واحده و الله تعالى مالكها فقط
و مملكة كل عبد بدنه خاصه
فاذا نفذت مشيئته فى صفات قلبه و جوارحه
فهو مالك مملكة نفسه بقدر ما أعطى من القدره عليها
اخى المسلم
لهذا امر الله نبيه عليه الصلاة و السلام ان يضرع اليه بهذا الاسم العظيم
اذا ما اراد ان يحقق رجاءه من خيرى الدنيا و الاخره
قال جل شأنه
قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ
وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26
تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ
وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
ال عمران26-27
و المراد بالملك فى تلك الايه
القدره التامه على الاعطاء و المنع و الإعزاز و الإذلال
و ايلاج الليل فى النهار و ايلاج النهار فى الليل
و اخراج الحى من الميت و اخراج الميت من الحى
و تدبير شئون العباد من رزق و غيره مما يحتاجون اليه
وهوجل شأنه ارحم بهم من انفسهم على انفسهم
اخى المسلم
ماالفرق بين
المِلك ........ بكسر الميم
والمُلك ......... بضم الميم
الاولى
هو مايملك من مال و عقار و علم وصحه و غير ذلك من الامور الماديه و المعنويه
و الثانيه
فهو القدره على الخلق و الابداع و التدبير و التصريف
و الاعطاء و المنع و النفع و الضر
مما يدل على العلم المحيط و الاراده النافذه و الحكمه البالغه و القدره التامه
و لذا يجب ان نعلم ان الله وحده هو مالك الملك
هو المالك و الملك
يهب ما شاء لمن يشاء و كيف يشاء و متى ما شاء و اين ما شاء
لا راد لقضائه و لا معقب لحكمه و لا قدره لمخلوق مع قدرته
فلا ينبغى لاحد ان يدعى لنفسه شيئا فى ملك الله الا على سبيل المجاز
و لا يدعى احد ان له فضلا على احد فى شئ اعطاه اياه او فى ضر دفعه عنه
فان الله وحده هو الضار و النافع و المعطى و المانع
و الفضل كله له و الخير منه و اليه و نواصى العباد جميعا بين يديه
فهم فى قبضته و تحت قهره و جبروته
قال تعالى
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ
لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقاً
مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ البَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وهُوَ حسيرٌ )
الملك1-4
ان كل نعمه ماديه او معنويه نعلمها او لا نعلمها فهى منه جلا جلاله
ان شكرناه عليها زادنا منها ، و ان جحدنا نزعها منا
قال تعالى
( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ
النحل 53
و قال تعالى
( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )
ابراهيم7
اخى المسلم
علينا ان ننظر بعين الرضا و الاعتبار الى ما معنا من النعم
فنسأل انفسنا من صاحب هذه النعم أنحن أم الله
هل جمعناها بقدرتنا و ذكائنا و جدنا ام بقدرة الله و توفيقه لنا و رحمته بنا
و هل نحن قادرون على حفظها و التمسك بها
ان اراد الله عز و جل ان يسلبها منا او يحرمنا من الانتفاع بها مع وجودها معنا
فهو جل شأنه المِلك الذى بيده المُلك كله
يؤتى الملك لمن يستحقه و يمنعه بالقوة و القهر عمن لا يستحقه
و يعز بالايمان و النصر و المعونه و الولايه
من اراد العزه و طلبها منه بالطاعه و التواضع لعظمته و جلاله
و يذل من يشاء اذلاله بالاسباب التى يعتقد ان فيها عزه و سعادته
فهو القادر على ان يجعل فى المنح محنا ، و فى المحن منحا
ان الفطره التى فطر الله الناس عليها قدتنتكس و تنحرف عنالدين الذى ارتضاه الله لعباده
فيعبد قوما اصناما لا تنفع و لا تضر ، و لا تسمع و لا تبصر، و لا تغنى عنهم شيئا
و لكنهم اذا احاط بهم الخطر فى البر او البحر لم يلجأوا الى معبوداتهم لكشف الضر عنهم
و لكنهم يلجأون الى خالق الخلق و مالك الملك
اخى المسلم
ان الله عز و جل و صف نفسه بأنه مالك الملك
لكى يعلم العباد جميعا ان ليس لهم من الامر شئ
فلا يغترون بما لديهم من النعم الماديه و المعنويه
و لا يغترون بحسب و لا نسب و لا يفخرون بجاه و لا منصب
و لا يقصرون فى عبادته و شكره و الثناء عليه
و لا يلجأون لأحد سواه فى جلب النفع و دفع الضر
و لا يبخلون بما اتاهم الله من فضله و جعلهم مستخلفين فيه
من علم و مال و ملك الله ابدى دائم ،
لا يحول و لا يزول
و لا يعتريه نقص و لا وهن
و لا يغيب عن علمه شئ منه
ولايعجزه شئ فى ملكه وملكوته
قال تعالى
( فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )